سلسلة تكاد لا تتوقف من الأحداث الإرهابية، التي كانت أخرها
حالتي الدهس وإطلاق الرصاص في ألمانيا والولايات المتحدة، وبصاحبها آلة إعلامية نشطة
لربط الحادث بأمور مثل الدين والعرق والهجرة ورغم أن الحالتين يكتفنهما تعقيدات كثيرة،
إلا أنه غالبا ما يتم الاعتماد على أيسر الأمور لتفسيرها وعلى نحو يحقق مصالح كل طرف
ولا يمكن اغفال حجم التغطيات الإعلامية والانتهازية السياسية في أي عمل (مستنكر بالطبع)
يصاحبه أي إشارة إسلامية من بعيد أو من قريب،
وذلك مقارنة بحالات أخرى إرهابية لا تنال نفس التغطية الإعلامية والانتهازية
السياسية مثل حادث قيام متطرف استرالي بقتل العشرات في مسجد في كريست تشيرش في نيوزلندا.
لا شك أن الإرهاب يعد من بين أخطر التهديدات، فقد تم تخصيص
موارد هائلة في مختلف القطاعات الحكومية والخاصة وإعادة تخصيصها لمهمة منع الإرهاب
ولكن هذه الجهود تفتقر في كثير من الأحيان إلى أساس مفاهيمي ـ ناهيك عن أساس تجريبي
ـ لفهم الإرهابيين وأعمال العنف التي يرتكبونها ويخلق هذا الفراغ تحدياً خطيراً على
العديد من المستويات، بدءاً من القرارات على مستوى السياسات حول الكيفية التي ينبغي
للدولة أن تستجيب بها للإرهاب، إلى القرارات على مستوى الأفراد حول ما إذا كان شخص
معين موضع اهتمام، يتبنى أفكاراً متطرفة، يشكل حقاً تهديداً خطيراً في المحيط المحلي
والإقليمي والدولي
ورغم أن السؤال الأساسي حول أفضل السبل لتعريف الإرهاب كان
في حد ذاته مشكلة محيرة، فإن السبيل الأيسر على الأقل لأغراض تحليلية يستند بالأساس
على أعمال العنف التي تُرتكب عمداً ضد المدنيين غير المقاتلين بهدف تعزيز بعض الأهداف
الإيديولوجية أو الدينية أو السياسية وهناك أبعاد نفسية بجانب أسس اجتماعية (والتي
يشار إليها أحياناً باسم “الأسباب الجذرية”) أو النظريات الاقتصادية والسياسية على
المستوى الكلي لتفسير السلوك الإرهابي يذكر أن الجيل الأول من الاستقصائيات النفسية،
والذي استمد أساساً من نظرية التحليل النفسي، قد انتهى إلى حد كبير، وكان إطاره ونتائجه
يفتقران إلى الصلة العملية.
رؤية مؤسسة راند الأمنية
في عام 2007 أصدرت مؤسسة راند والتابعة بالأساس لمؤسسات
أمنية أمريكية دراسة تحت عنوان بناء شبكة من الإسلام المعتدل، حيث ذكرت الدراسة في
بدايتها أن التفسيرات المتطرفة والعقائدية للإسلام قد اكتسبت أرضية راسخة في السنوات
الأخيرة في العديد من المجتمعات الإسلامية من خلال شبكات إسلامية واسعة النطاق تمتد
عبر العالم الإسلامي ومجتمعات الشتات المسلمة في أميركا الشمالية وأوروبا وعلى الرغم
من أن المعتدلين يشكلون أغلبية في مختلف أنحاء العالم الإسلامي، فإنهم لم يطوروا شبكات
مماثلة لتضخيم رسالتهم وتوفير الحماية من العنف والترهيب وبفضل الخبرة الكبيرة التي
اكتسبتها الولايات المتحدة في تعزيز شبكات الناس الملتزمين بالأفكار الحرة والديمقراطية
أثناء الحرب الباردة، فإنها تلعب دوراً حاسماً في تسوية أرض الملعب للمعتدلين المسلمين
ووضعوا رؤية لبناء “خريطة طريق” لتعزيز بناء شبكات المسلمين المعتدلين، وأن الولايات
المتحدة تستطيع أن تعمل على تعزيز الشبكات الإسلامية المعتدلة.
لقد أوصت الدراسة الولايات المتحدة بالتركيز على الشركاء
والبرامج والمناطق التي من المرجح أن يؤثر فيها الدعم الأميركي على حرب الأفكار الدائرة
في العالم الإسلامي من خلال استراتيجية تعتمد خطوتها الأولى في أن تتخذ الحكومة الأميركية
وحلفاؤها قراراً واضحاً بالمساعدة في بناء الشبكات الإسلامية المعتدلة، وأن يخلقوا
رابطاً واضحاً بين هذا الهدف والاستراتيجية الأميركية الشاملة والبرامج ويتطلب التنفيذ
الفعال لهذه الاستراتيجية إنشاء هيكل مؤسسي داخل الحكومة الأميركية لتوجيه الجهود والإشراف
عليها ومراقبتها ويتعين على الحكومة الأميركية أن تبني الخبرة والقدرة على تنفيذ هذه
الاستراتيجية، بما في ذلك مجموعة من المعايير المتطورة والمتطورة باستمرار والتي تميز
المعتدلين الحقيقيين عن المتطرفين المتخفين في هيئة معتدلين، وقاعدة بيانات دولية للشركاء
المحتملين والحاليين، وآلية لمراقبة البرنامج وتنقيحه والإشراف عليه وترى راند أن الشركاء
في جهود بناء الشبكات المعتدلة لابد وأن يكونوا أولئك الذين يلتزمون بأبعاد أساسية
من الثقافة الديمقراطية، وأن الجهود المبذولة في البداية، يمكن أن تركز على مجموعة
أساسية من الشركاء الموثوق بهم الذين يُعرف توجههم الإيديولوجي والعمل انطلاقاً من
هناك ولذلك يمكن البدء باستهداف خمس مجموعات باعتبارها لبنات بناء محتملة للشبكات:الأكاديميون
والمثقفون المسلمون الليبراليون والعلمانيون؛ والعلماء الدينيون الشباب المعتدلو والناشطون
المجتمعيون؛ والجماعات النسائية المنخرطة في حملات المساواة بين الجنسين؛ والصحافيون
والكتاب المعتدلون ومن خلال العمل مرة أخرى في دور يشبه دور المؤسسات، ينبغي للولايات
المتحدة أن تساعد البرامج التي تعزز التعليم الديمقراطي، وخاصة البرامج التي تستمد
التعاليم السلطوية الداعمة للقيم الديمقراطية والتعددية من النصوص والتقاليد الإسلامية،
ووسائل الإعلام المعتدلة، والمساواة بين الجنسين والدعوة إلى أجندات معتدلة مع تقديم
اقتراح بتحويل التركيز من الشرق الأوسط إلى مناطق العالم الإسلامي حيث تكون حرية العمل
أكبر ممكنة، والبيئة أكثر انفتاحاً على النشاط والتأثير، وهناك احتمال أكبر للنجاح
مع التأكيد على فرص بناء الشبكات في الشتات الإسلامي في أوروبا، وبين المسلمين في جنوب
شرق آسيا وتركيا، وفي بعض المجتمعات الأكثر انفتاحاً نسبياً في الشرق الأوسط في ضوء
ما ذكروه بأن الأفكار المتطرفة القادمة من الشرق الأوسط تنتشر إلى بقية العالم الإسلامي،
والقيام بفتح قنوات اتصال من شأنها تشجيع نشر التفسيرات الحديثة والسائدة للإسلام مرة
أخرى إلى الشرق الأوسط من المسلمين المعتدلين في أماكن أخرى
معسكر "سجن" بوكا (2003-2009)
الدراسة التي أصدرتها مؤسسة راند الأمريكية (التي صدرت بعد
الغزو الأمريكي للعراق بنحو أربع سنوات) تحث الحكومات الإدارات الأمريكية المختلفة
على بناء مجتمعات وشبكات إسلامية معتدلة على حد تعبيرها وبما يشير إلى أن الولايات
المتحدة لها يد في التأثير على شكل وملامح مخرجات الدين في الشرق الأوسط والدول الإسلامية
في آسيا وفي أوروبا، حيث أن الولايات المتحدة أيضا لها يد في تصنيع التطرف العنيف وفي
إيجاد الإرهاب ولصقه بالدين الإسلامي في معظم الأحيان وهو ما يعني ان الولايات المتحدة
تتلاعب تارة بالاعتدال وتارة بالتطرف وفق مصالحها الانية والاستراتيجية ففي خلال موجة
الحرب الأميركية في العراق، احتُجز عشرات الآلاف من العراقيين في مراكز الاحتجاز الأميركية،
بما في ذلك معسكر أو سجن بوكا وفي ظل هذه المعسكرات المكتظة، انبثقت موجة أخرى من الإرهاب
بين المعتقلين وبقيادة أبو بكر البغدادي، أصبح هؤلاء السجناء جنود المشاة المستقبليين
لما يسمى الدولة الإسلامية وإدراكاً لإمكانات هؤلاء السجناء، هندست القيادة الناشئة
للمجموعة حملة منهجية وناجحة أطلق عليها “كسر الجدران” والتي حررت الآلاف من المؤيدين
من المراكز التي يديرها العراقيون.
وفي ظل غياب استراتيجية واضحة للولايات المتحدة لتقديم مساعدة
حقيقية للحكومة العراقية حينئذ، والتي كانت في حاجة ماسة إلى المساعدة الفنية والقانونية
لإجراء محاكمات شفافة وعادلة لأولئك المحتجزين في “بوكا” ومع تصور تعرض معتقلي داعش
لسوء المعاملة فإن هذا لم يؤدي إلا إلى تغذية الرواية التي تروج لها الجماعة وزيادة
مظالم المسلمين السنة وتصورهم للحكومة التي يهيمن عليها الشيعة في بغداد والتي تتسم
بالقمع وعدم الشرعية، وبما يزيد من أسهم وكسب أرضية وبيئة حاضنة بالعراق وغيرها من
الأراضي المجاورة وخاصة سوريا ويشكل العرب
السنة، الذين كانوا مهيمنين في عهد صدام حسين ويشكلون العمود الفقري للتمرد في العراق،
الغالبية العظمى من المعتقلين في السجون التي تديرها الولايات المتحدة في العراق وتولى
العراق السيطرة على أبو غريب، الذي اشتهر بفضيحة إساءة معاملة السجناء التي تورطت فيها
قوات أميركية، في سبتمبر 2006 لذلك فإن العديد من القادة الذين تولوا قيادة ما أصبح
الآن تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وان كانوا متطرفين قبل أن يمرون عبر بوابات معسكر
بوكا، السجن العسكري الأميركي في جنوب العراق، من عام 2003 إلى عام 2009 إلا أنه من
المؤكد أنهم كانوا جميعا متطرفين عندما خرجوا بعد أشهر أو سنوات من هذا السجن.
في معسكر بوكا، جرت إعادة تشكيل تنظيم الدولة الإسلامية
في المستقبل بين اختلاط المتطرفين الأيديولوجيين العنيفين وضباط الجيش البعثيين السابقين
وإلى جانب ظروف أخرى (مثل الحرب الأهلية السورية والحكم الطائفي لرئيس الوزراء العراقي
آنذاك نوري المالكي)، فإن رابطة بوكا هذه شكلت نواة خلية سرطانية استولت على الكثير
من العراق وسوريا.
وبالإضافة الى زعيم تنظيم الدولة الإسلامية أبو بكر البغدادي،
فإن هناك قائمة جزئية من المعتقلين السابقين في بوكا الذين لعبوا أدواراً رئيسية في
إعادة تشكيل تنظيم الدولة الإسلامية مثل: أبو مسلم التركماني، الرجل الثاني بعد البغدادي؛
وأبو أيمن العراقي، القائد العسكري بالتنظيم؛ وحاجي بكر، الذي لعب دوراً أساسياً في
مساعدة البغدادي على الوصول إلى السلطة؛ وأبو عبد الرحمن البيلاوي، المسؤول عن التخطيط
العملياتي الذي استولى على الموصل في العراق؛ وأبو قاسم، المسؤول عن المقاتلين الأجانب
والانتحاريين وأبو لؤي، المسؤول العسكري الكبير؛ وأبو شيماء، المسؤول عن الخدمات اللوجستية؛
وأبو سجى المسؤول عن برامج أسر الشهداء؛ وغيرهم كثيرون وكان بعضهم ضباطاً في جيش صدام
حسين (وخاصة القوات الجوية أو الجيش)، وكان الآخرون مدرسين أو أئمة أو بيروقراطيين
وعلية، يمكن القول أصبح تنظيم الدولة الإسلامية عبارة عن مزيج من الإيديولوجيات البعثية
والتكفيرية، حيث تساعد المهارات التنظيمية الأولى في توجيه الحماسة التحفيزية للثانية
والنتيجة هي نشأت مجموعة متطرفة لا مثيل لها كانت قادرة على الانتقال من خلايا بوكا
في العراق إلى مدينة كوباني الحدودية في سوريا.
صناعة الارهاب
لقد مر كل قادة الجماعات المسلحة الأكثر تطرفاً في العراق
تقريباً عبر معسكر بوكا فقد التحق بالسجن أبو بكر البغدادي، إلى جانب عدنان البيلاوي،
وأبو مسلم الخراساني، وفاضل الحيالي، ومحمد العراقي، ومحمد عبد العزيز الشمري، وخالد
السامرائي، إضافة الى أبو محمد الجولاني أو أحمد الشرع قائد العملية الانتقالية في
سوريا الآن ولقد كان أول المعتقلين في السجن هم رؤساء قاعدة القوة لصدام حسين ــ ضباط
الجيش ورؤساء الاستخبارات، وعلماء من مفاعل تموز النووي، وأعضاء بارزون آخرون في حزب
البعث وعندما اكتسبت التمرد ضد القوات الأميركية في العراق زخماً، جاء المزيد من السجناء
من صفوف المقاومة، أو حتى من المعارضين الصريحين للاحتلال وبعد بضعة أشهر، دخلت الدفعة الأولى من السجناء
السلفيين السجن وسرعان ما فتحوا “أول” مدرسة جهادية في العراق داخل المعسكر.
كان معسكر بوكا يضم أكثر من 24 ألف سجين ــ أغلبهم من السنة
ــ بتهمة الإرهاب وهنا، ورد أنهم تعرضوا لتعذيب منهجي، كان وحشيا للغاية في بعض الحالات
حتى أن التعذيب كان قاتلا فلقد توفي والد أحد كبار أعضاء تنظيم الدولة الإسلامية، خالد
السامرائي، تحت التعذيب وورد أن والدة المقاتل وابنته قُتلتا أثناء غارة أميركية على
منزل عائلته ــ وكان ذلك جزء من السبب وراء تحول معسكر بوكا إلى مهد للإيديولوجية الجهادية
العراقية، بحيث تكون الطريقة التي كان يتم بها تجميع السجناء معا فقد كان المقاتلون
القوميون العرب يوضعون في زنازين مع أيديولوجيين “تكفيريين وإذا أضفنا إلى هذا التعذيب
والمعاملة القاسية والظروف المهينة، فسوف نجد أن حتى أكثر المقاتلين علمانية ووطنية
وقعوا في أيدي الجهاديين وفي إحدى مراحل الاحتجاز، قيل إن عشرات السجناء قُتلوا على
أيدي زملائهم السجناء بتهمة الردة و”انتهاك الإيمان” وتم إنشاء محكمة شرعية سرية من
قبل السجناء الذين أصدروا الأحكام الصادرة بحقهم وبعد أن تبين أن حارسة أميركية قامت
بتدمير نسخة من القرآن الكريم، اندلعت أعمال شغب في المعسكر مما أسفر عن مقتل خمسة
سجناء آخرين.
وفي هذا السياق، قال حسين البصري، زعيم التيار الصدري، إن
معسكر بوكا أصبح مركزاً عصبياً لأجزاء من التمرد في العراق، وأنه أصبح رمزاً للظلم
والتعذيب الأميركيين وهو لم يستغرب أن يشجع مركز الاحتجاز على ازكاء روح التطرف والعنف
متسائلا حينئذ؟ ماذا تتوقع من الناس الذين استولى الأجانب على بلادهم ونهبوها، ثم ألقوا
القبض عليهم وعذبوهم بسبب اعتراضهم على الاحتلال وتنديدهم به؟ أن يخرجوا ويجلسوا في
هدوء؟ بالطبع لا” ويقول إنه ليس من المستغرب أن يتحول السجناء إلى متطرفين في ظل هذه
الظروف عندما عرضت عليهم العصابات الجهادية فرصة الكرامة واحترام الذات.
مراحل الإرهاب وفق رؤية الولايات المتحدة
احتل التهديد الذي يمثله الإرهاب الإسلامي المتشدد “وفق
الرؤية الغربية”ـ الذي يتجذر في الشرق الأوسط وجنوب آسيا ـ مركز الصدارة ورغم أن هؤلاء
المتطرفين الدينيين المتطرفين يمثلون وجهة نظر أقلية، فإن التهديد الذي يشكلونه حقيقي
وفي هذ السياق أشار بروس هوفمان من مؤسسة راند، ففي عام 1980 تم تصنيف مجموعتين من
بين 64 مجموعة على أنهما دينيتان إلى حد كبير من حيث الدوافع؛ وفي عام 1995 تم تصنيف
ما يقرب من نصف المجموعات التي تم تحديدها، أي 26 من بين 56 مجموعة، على أنها ذات دوافع
دينية؛ وكانت أغلب هذه المجموعات تبنت الإسلام باعتباره القوة المرشدة لها وفي هذا
الإطار تم تقسيم مراحل الإرهاب من وجهة نظر الولايات المتحدة الامريكية على هذا النحو:
- مرحلة فجر الإرهاب الدولي الحديث 1986-1979: لقد أدت الحقبة
الاستعمارية، والمحاولات الفاشلة التي جرت بعد الاستعمار لتشكيل الدولة، وإنشاء إسرائيل
إلى توليد سلسلة من التحولات والحركات الماركسية والمعادية للغرب في مختلف أنحاء العالم
العربي والإسلامي وقد أدى نمو هذه الحركات القومية والثورية، إلى جانب وجهة نظرها القائلة
بأن الإرهاب قد يكون فعالاً في تحقيق الأهداف السياسية، إلى توليد المرحلة الأولى من
الإرهاب الدولي الحديث وفي أواخر الستينيات، بدأت الحركات العلمانية الفلسطينية مثل
فتح والجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في استهداف المدنيين خارج الساحة المباشرة للصراع
وفي أعقاب هزيمة 1967، أدرك القادة الفلسطينيون أن العالم العربي غير قادر على مواجهة
إسرائيل عسكرياً.
- مرحلة الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين: الجبهة الشعبية لتحرير
فلسطين، أحد الأعضاء الأصليين لمنظمة التحرير الفلسطينية، ووفق الزعم الأمريكي هي جماعة
ماركسية لينينية أسسها جورج حبش في عام 1967 كانت الجماعة ضد إعلان المبادئ لعام
1993؛ كما تم تعليق مشاركتها في منظمة التحرير الفلسطينية شاركت في اجتماعات مع حزب
فتح بزعامة عرفات وممثلي منظمة التحرير الفلسطينية في عام 1999 لمناقشة الوحدة الوطنية
ولكنها استمرت في معارضة المفاوضات مع إسرائيل ارتكبت العديد من الهجمات الإرهابية
الدولية خلال السبعينيات، ويُزعم أنها شاركت في هجمات ضد إسرائيل منذ بداية الانتفاضة
الثانية في سبتمبر 2000 وتزعم الولايات المتحدة ان سوريا كانت مصدرًا رئيسيًا للملاذ
الآمن والدعم اللوجستي المحدود.
- الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة العامة: انشقّت
هذه المجموعة، بقيادة أحمد جبريل، عن الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في عام 1968، راغبة
في التركيز على العمل الإرهابي أكثر من العمل السياسي وهي تعارض منظمة التحرير الفلسطينية
بشدة وترتبط ارتباطًا وثيقًا بسوريا وإيران نفذت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين – القيادة
العامة هجمات متعددة في أوروبا والشرق الأوسط خلال السبعينيات والثمانينيات وترى الولايات
المتحدة ان هذه المنظمة فريدة من نوعها لأنها نفذت عمليات عبر الحدود ضد إسرائيل باستخدام
وسائل غير عادية، بما في ذلك البالونات الهوائية والطائرات الشراعية الآلية.
- منظمة أبو نضال: ترى الولايات المتحدة انها كانت منظمة
إرهابية دولية معادية للغرب ومعادية لإسرائيل بقيادة صبري البنا؛ تركت منظمة التحرير
الفلسطينية في عام 1974 يتألف الهيكل التنظيمي من لجان وظيفية مختلفة، بما في ذلك اللجان
السياسية والعسكرية والمالية نفذت منظمة أبو نضال هجمات إرهابية في 20 دولة، مما أسفر
عن مقتل أو إصابة ما يقرب من 900 شخص.
- مرحلة الجهاد الأفغاني والدول الراعية للإرهاب
1979-1991: كان عام 1979 نقطة تحول في الإرهاب الدولي ففي مختلف أنحاء العالم العربي
والغرب، أشعلت الثورة الإسلامية الإيرانية المخاوف من موجة من الإسلام الشيعي الثوري
وفي الوقت نفسه، حفز الغزو السوفييتي لأفغانستان والحرب التي أعقبتها بين المجاهدين
ضد السوفييت، والتي استمرت من عام 1979 إلى عام 1989.
وفي الغرب، ركز الاهتمام على الإرهاب الذي ترعاه الدولة،
وخاصة حزب الله المدعوم من إيران وسوريا كما كان استخدام الدول الراعية للجماعات الفلسطينية
العلمانية مصدراً للقلق وكان حزب الله رائداً في استخدام المفجرين الانتحاريين في الشرق
الأوسط، وارتبط بتفجير عام 1983 وما تلاه من مقتل 241 من مشاة البحرية الأميركية في
بيروت، لبنان، فضلاً عن عمليات اختطاف متعددة للمدنيين الأميركيين والغربيين ومسؤولي
الحكومة.
عولمة الإرهاب 1990-2001
لقد ساعد تفكك دول ما بعد الحرب الباردة، وإرث الحرب الباردة
المتمثل في عالم غارق في الأسلحة التقليدية المتقدمة والمعرفة، على انتشار الإرهاب
في مختلف أنحاء العالم وتوفر الفراغات في الاستقرار الناجمة عن الصراع في مناطق مثل
البلقان وأفغانستان وكولومبيا وبعض البلدان الأفريقية وهي مناطق جاهزة لتدريب الإرهابيين
وأنشطة التجنيد، في حين يستغل الإرهابيون في كثير من الأحيان طرق التهريب والاتجار
بالمخدرات لدعم العمليات في مختلف أنحاء العالم ومع تزايد سهولة النقل والاتصالات عبر
الحدود الوطنية واستمرار استعداد دول مثل إيران والعراق لتقديم الدعم، والإيديولوجيات
اللاإنسانية التي تمكن من شن هجمات تخلف أعداداً كبيرة من الضحايا، فقد بلغت الإمكانات
القاتلة للعنف الإرهابي مستويات جديدة.
منذ ظهورها في عام 1994، اكتسبت ميليشيا طالبان المدعومة
من باكستان في أفغانستان العديد من الخصائص المرتبطة تقليدياً بالدول الراعية للإرهاب،
حيث قدمت الدعم اللوجستي ووثائق السفر ومرافق التدريب وعلى الرغم من أن الجماعات المتطرفة
مثل الجهاد الإسلامي المصري، وتنظيم القاعدة الذي يتزعمه أسامة بن لادن، والمتشددين
الكشميريين كانوا في أفغانستان قبل طالبان، فإن انتشار سيطرة طالبان شهد تطور الإرهاب
القائم على أفغانستان إلى نشاط منسق ومنتشر نسبياً يركز على دعم وتطوير القدرات الإرهابية
ومنذ منتصف تسعينيات القرن العشرين، استخدمت الجماعات الإرهابية المدعومة من باكستان
والتي تقاتل في كشمير بشكل متزايد معسكرات التدريب داخل المناطق الخاضعة لسيطرة طالبان
وفي الوقت نفسه، قاتل أعضاء هذه الجماعات، فضلاً عن آلاف الشباب من إقليم الحدود الشمالية
الغربية الباكستانية مع طالبان ضد قوات المعارضة.
ومنذ عام 1989، كان الاستعداد المتزايد للمتطرفين الدينيين
لضرب أهداف خارج البلاد أو المناطق الإقليمية المباشرة يؤكد الطبيعة العالمية للإرهاب
المعاصر وتشكل تفجيرات مركز التجارة العالمي عام 1993 وهجمات الحادي عشر من سبتمبر
2001 على مركز التجارة العالمي والبنتاغون، نموذجاً لهذا الاتجاه وتتمثل الجماعات الرئيسية في المرحلة الجديدة من
الإرهاب الإسلامي المسلح.
وختاما، فان رؤية “تي جيه كولز” في كتابه ” تصنيع الإرهاب، لا يمكن تجاهلها وأن دور الولايات المتحدة الأمريكية في تصنيع الإرهاب تحت شعار الدين لا يمكن التغاضي عنه خاصة بعد الغزو السوفيتي لأفغانستان والإرهاب الذي صنعته الولايات المتحدة بعد غزو العراق وعدم محاسبتها على الصعيد الدولي لانتهاكاتها المفزعة في سجن بوكا وسجن أبوغريب بالعراق ودور الأجهزة الأمنية الامريكية وبالتنسيق مع الأجهزة الأمنية الغربية في التلاعب وتصنيع الإرهاب في الشرق الأوسط مع عدم تفريقها المتعمد بين المقاومة التي تطالب بحقوقها على أراضيها ضد المحتل وبين الإرهاب الذي يستهدف المدنيين لأسباب دينية او عرقية وفي ظل صعوبة وضع تعريف محدد للإرهاب على الصعيد الدولي.
المصدر: مركز رع للدراسات الاستراتيجية
الكاتب : د. مصطفى عيد إبراهيم
التاريخ : 7/1/2024
-----------------------------------
المصدر: صحيفة هذا اليوم
التاريخ : 21/9/2024