الموروث الثقافي الليبي
WhatsApp Image 2022-05-28 at 12.31.32 PM


معنى التراث


التراث هو ما كلّ خلّفه الأجداد ليكون جسرًا من الماضي نعبر به من الحاضر إلى المستقبل، والتراث في الحضارة بمثابة الجذور في الشجرة، فكلما غاصت وتفرعت الجذور كانت الشجرة أقوى وأثبت وأقدر على مواجهة تقلبات الزمان، ويتنوع التراث باختلاف ما تحمله الجذور إلى الشجرة، ولا حضارة بدون تراث لأنها ستصير حضارة طفيلية ترتوي من تراث الآخر لا من تراثها، لذا يجب أن تكون الحضارة أصيلة لا تبعية عندها ، مستقلةً تملك جذورها العميقة في جوف الأرض. إنه تعبير عن طرق المعيشة التي طورها المجتمع، وانتقلت من جيل إلى جيل، والتي تشمل الأماكن، والأشياء، والعادات، والممارسات، والتعبيرات، والقيم الفنية، لذلك من ضمن الأساسيات التي سيسعى الموقع لتوفيرها لتكون متاحة قريباً التراث الثقافي المنقول، ويشمل اللوحات، والمنحوتات، والنقود المعدنية، والمخطوطات، والتراث الثقافي غير المنقول، ويشمل المعالم التاريخية والمواقع الأثرية، والتراث الثقافي المغمور بالمياه (حطام السفن، المدن والأطلال المغمورة بالمياه



مفهوم التراث الثقافي

يُعرف مفهوم التراث الثقافي بأنه كل ما ينتقل من عادات وتقاليد وعلوم وآداب ومختلف أنواع الفنون ونحوها من جيل إلى آخر، وهو يشمل كلّ الفنون الشعبية من ( شعر وغناء وموسيقى ومعتقدات شعبية وقصص وحكايات وأمثال تجري على ألسنة العامة من الناس، كما يشمل عادات الزواج والمناسبات المختلفة وما تتضمنه من طرق موروثة في الأداء والأشكال، ومن ألوان الرقص والألعاب والمهارات) ، والتراث الشعبي يعكس ما توصلت إليه حضارات الشعوب، فأي حضارة لا تُعتبر عريقة ذات جذورٍ تاريخية إلا بمقدار ما تحمله من شواهد على رقيها الإنساني، ولكون الإنسان عبر مسيرته التاريخية يحاول أن يرقى بنفسه، فارتقاؤه هذا ينعكس على ما يخلفه من سلوكيات تتأصل في حياة الناس. ومن أنواع مفهوم التراث الثقافي منها( التراث المادي وغير المادي والوطني الوثائقي ) ، وتاليًا تفصيلُها




التراث الثقافي المادي


يشتمل التراث المادي على الآثار والمباني والأماكن الدينية والتاريخية والتحف من منشآت دينية وجنائزية، كالمعابد والمقابر والمساجد والجوامع، ومبانٍ حربية ومدنية مثل الحصون والقصور والقلاع والحمامات، وأيضًا السدود والأبراج والأسوار، والتي تعتبر جديرة بحمايتها والحفاظ عليها بشكل أمثل لأجيال المستقبل. ويعتبر علم الآثار والهندسة المعمارية والعلوم والتكنولوجيا هي التي تحدد معيارية هذا التراث



التراث الثقافي غير المادي

يتضمّن مفهوم التراث الثقافي غير المادي التقاليد الشفهية وفنون الأداء والممارسات الاجتماعية أو الطقوس، إضافةً إلى الأعياد والمعارف والممارسات التي تخص الطبيعة والكون، وكذلك المهارات التقليدية المتعلقة بالتراث الثقافي غير المادي، ويشكل التراث الثقافي غير المادي -بالرغم من طابعه الهش- عاملًا مهمًا في الحفاظ على التنوع الثقافي في مواجهة العولمة الثقافية المتزايدة. ففهم التراث الثقافي غير المادي للمجتمعات المحلية المختلفة يساعد على الحوار بين الثقافات ويشجع على الاحترام المتبادل لطريقة عيش الآخر



التراث الوطني الوثائقي

يختلف النوع هذا عمّا سبق، فهو يعبر عن مفهوم تراث وتاريخ شعوب وأمم العالم بشكل جامع، ويعدّ بوابة عالمية لوثائق وتاريخ الحضارات القديمة، مثل المخطوطات والمتاحف والأرشيفات الوطنية، والأقراص السمعية والبصرية، والأفلام السينمائية والصور الفوتوغرافية، ولقد عملت اليونسكو على إنشاء برامج بهدف الحفاظ على ذاكرة العالم في مجمل المكتبات والمحفوظات سنة 1992، وقد تنوّعت مختلف أنشطة المنظمة هذه في استخدام أحدث الوسائل التقنية والتكنولوجية، فصار بإمكان الناس الاطلاع على هذا التراث الغني للأمم وثقافاتها من خلال بعض شبكات التواصل الاجتماعي وصفحات المواقع الإلكترونية وما شابه



أنواع التراث

:للتراث أنواع عدة يمكن ملاحظتها في أي مجتمع يمكن ذكر أبرزها كما يأتي

التراث الديني

التراث الطبيعي

التراث الثقافي

التراث اللغوي

التراث العلمي

التراث الأدبي

التراث الحضاري




:ليبيا بلد التراث الثقافي المنوع


ليبيا بلد التفافات المتنوعة الغنية، والتي تشكلت من مزيج الحضارات والثقافات المتعاصرة والمتعاقبة التي استوطنت على التراب الليبي. حيث لم ينقطع فيها الاستيطان البشرى منذُ عصور ما قبل التاريخ، وترعرعت فيها حضارات ليبية (في جرمة بالجنوب وأسلنطة بالشرق) خير مثال عليها، كما واستقبلت أراضي ليبيا المستوطنين الفينيقيين القادمين من صور وصيدا (لبنان) وعاشوا الي جوار الليبيين مؤسسين مدن ومراكز حضارية ذاع صيتها في التاريخ (لعل أهمها: اويا ولبدة وصبراتة)، كما وجد الاغريق في ليبيا الملجأ لحل ازماتهم الاقتصادية، واستقبلهم الليبيون وتنوعت علاقتهم بهم بين الود والحرب، كما كان للرومان وحضارتهم دوراً مهماً في ليبيا.هذا التراث الثقافي المنوع تمازج مع حضارة الإسلام، الذي جاءت لليبيا والمغرب العربي عموما في القرن السابع ميلادي. إن الهوية الليبية موجودة في التنوع الثقافي الذي حظيت به هذه الارض الليبية ، فإن ليبيا التي تم ذٌكرها في المصادر القديمة ففي كتاب هيرودوتس الكتاب الرابع” القرن الخامس ق.م“ وأطلقها على كل المنطقة الواقعة إلى الغرب من نهر النيل وأحيانا أطلقت على القارة بأكملها



:ليبيا بلد التراث الثقافي المنوع


لايزال هذا الموروث الثقافي الضخم يتعرض لخروقات واشكاليات كثيرة وخطيرة جدا تهدد وضع الموروث الثقافي الانساني بليبيا وتضع الدولة الليبية في وضع محرج امام المؤسسات الدولية التي تعنى بحماية الموروث الثقافي خصوصا وان ليبيا من الدول التي لها السبق في التوقيع على جل الاتفاقيات والمواثيق والقوانين الصادرة من منظمة اليونيسكو والمؤسسات التابعة لها مثل الأيكوم والأيكروم وغيرها ومن أخطر هذه الخروقات والتهديدات ما يلي



:الحفر والنبش العشوائي للبحث عن الكنوز ومنها


 التوسع والزحف العمراني الغير مقنن والذي ادى الي تدمير الكثير من المواقع والمكونات الاثرية والتاريخية

الاعتداء على المواقع الاثرية الشاطئية ومسحها لتهيئتها كمصائف لغرض استثمارها ووصل في بعض الاحيان الي داخل الحرم الاثري للمدن الاثرية كما حدث في مدينة شحات الاثرية

_ تعرض المتاحف والمخازن والمواقع والمدن الاثرية الليبية للسرقة المنظمة والنهب المستمر

أستمرار عملية الاتجار الغير مشروع بالقطع الاثرية في داخل وخارج البلاد الليبية ساعد المجرمين والمنحرفين لتكوين عصابات منظمة تهتم بهذا الشأن

ومازاد الامر سوء وخطورة هو ما يحدث من غير قصد بشكل غير منظم أو بقصد وتعمد وبشكل منظم من جهات خارجية لتشويه وطمس بعض المواقع الاثرية

كما أن دخول بعض الجماعات المتشددة لليبيا وتصدرهم للمشهد وتفعيل تواجدهم بالبلاد وأتباث نواياهم تجاه هذا الموروث عبر قيامهم سراً وعلناً بهدم وطمس وازالة الكثير من المواقع التي ترجع الي الفترة الاسلامية مثل بعض مكونات المساجد (المنابر والزخارف والكتابات ولوحات التدشين داخل بيوت الصلاة وأحيانا خارجها) والاضرحة والزوايا والقبور والمساجد احيانا



أهم المقومات التي تهدد الأمن الثقافي لدى الشباب


يتمثل تهديد الامن الثقافي لدى الشباب في عوامل خارجية من بينها العولمة، والتغريب الثقافي، والثورة التكنولوجية والمعلوماتية، والبث المباشر، والإنترنت، والتبعية في التعليم، إضافة إلى عوامل داخلية وهي التفكك الأسرى والمشكلة السكانية والبطالة والأمية والهجرة الداخلية، فكل هذه العوامل تُؤثر وتهدد الأمن الثقافي لدى الشباب، ونتيجة لذلك أصبح من الواجب والضروري حماية الهوية الثقافية والتراث الحضاري، والقيم والعادات والتقاليد التي تمثل أهم الدعائم التي يقوم على أساسها المجتمع الليبي، فالأمن الثقافي دعامة أساسية في تحقيق الأمن القومي في ضوء التغيرات العالمية المعاصرة، وفي الحفاظ على الذاتية الثقافية وحمايتها وتأمينها من التيارات الفكرية التي تستهدف الشباب في دينه ولغته وقيمه وحضارته العربية، حتى يتمكن من مقاومتها والتصدي لها بإيجابية وفاعلية في ظل تحديات عالمية معاصرة، ويُشكل ذلك قاعدة أساسية لتحمل المسئولية والمشاركة في تحقيق الأمن القومي والتقدم والتنمية للمجتمع الليبي. فمن خلال عرض هذه الدراسة يتضح أنَّ أهمية تحقيق الأمن الثقافي لدى الشباب تتمثل في الجوانب التالية



 الحفاظ على الذاتية الثقافية من خلال القيم والمعايير التي تحيط بالمجتمع واستقراره وتميزه عن باقي المجتمعات الأخرى

تحقيق الأمن الثقافي يُسهم في بناء المواطن الصالح، ويحميه من كل التيارات الوافدة والأفكار الهدامة، ومن التطرف والإرهاب والعنف السياسي، ويجعله قادراً على المشاركة الفعالة فى تنمية المجتمع

تحقيق الأمن الثقافي يأتي على رأس العوامل التي تحمى الشباب من السلوك الاجتماعي غير المرغوب فيه مثل (أفلام الجريمة العنف- الجنس وغير ذلك)، وكذلك السلوكيات الغريبة الفاسدة والهدامة

يؤدى تحقيق الأمن الثقافي إلى حماية عاداتنا وتقاليدنا المتوارثة عبر القرون الماضية، والتي تمتد بدورها إلى القيم الإنسانية ذات الطابع الديني والاجتماعي

يستطيع الفرد من خلال الأمن الثقافي أن يدرك الكثير من المفاهيم الواردة من الثقافات الأخرى، ويعمل على الارتقاء بها بما يتناسب مع المجتمع وظروفه فى ضوء النظام العالمي الجديد

تحقيق الأمن الثقافي يُسهم فى تحقيق التنمية الاقتصادية للمجتمع، فالفرد الواعي يشجع استخدام الإنتاج المحلى بدلاً من الترويج للصناعات الغربية التي تسبب إضراراً بالاقتصاد المحلى. وقد ساعد على تفاقم الامر جهل جانب كبير من شرائح المجتمع وعدم وعيهم لأهمية هذا الموروث الثقافي، وقلة الامكانيات المادية والبشرية للمؤسسات التي من شأنها حماية الموروث الثقافي الانساني بليبيا، وضعف وقصور مواد ونصوص القانون رقم (3) لحماية الاثار والمتاحف والمباني التاريخية وخصوصا ما يخص العقوبات، وعدم وجود نيابة خاصة بجرائم الاثار، وعدم وجود مخازن ومتاحف ومخابئ ملائمة ومجهزة بإمكانيات حديثة للمراقبة الذاتية، وعدم الانتهاء من توثيق وتسجيل الموروث الثقافي الليبي بالطرق العلمية الحديثة.



:المراجع


محسن سالم , ١٨‎ يناير ٢٠‎٢١ , الحفاظ على الموروث الثقافي , صفحة الموقف الليبي

رؤى أبو رداحة ، ٢٩ نوفمبر ٢٠٢٠, انواع التراث , صفحة سطور

د. احمد عيسى الحاسي , 05/05/2021 , دور التراث الثقافي في المصالحة الوطنية في ليبيا, مجمع ليبيا للدراسات المتقدمة

المقالات الأخيرة