الصراع الجيوسياسي القادم في البحر الأحمر
فرع القاهرة

 

تعدد جذور الصراعات في منطقة الشرق الأوسط، وتتشابك أسبابها لتشمل عوامل تاريخية وسياسية واقتصادية يظل الصراع العربي الإسرائيلي أحد أبرز هذه الأسباب، رغم الجهود الدولية والإقليمية المبذولة للتوصل إلى حلول مستدامة.

وقد شهدت المنطقة بعض النجاحات في هذا المسار، تجسدت في توقيع معاهدات السلام بين مصر وإسرائيل والأردن وإسرائيل، ثم توسعت دائرة التسويات السلمية لتشمل دولًا أخرى في المنطقة عبر الاتفاقات الإبراهيمية ومع ذلك، لا يزال الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، بالإضافة إلى قضية الأراضي العربية المحتلة في سوريا ولبنان، يمثلان تحديًا كبيرًا.

وقد استخدمت بعض الدول العربية البحر الأحمر كورقة ضغط في هذا الصراع، مما دفع إسرائيل إلى تعزيز سيطرتها في المنطقة هذا التنافس يزيد من حدة التوترات، ويجعل التنبؤ باندلاع مواجهات جديدة أمرًا صعبًا

علاوة على ذلك، تشهد العلاقات بين الدول العربية والإفريقية خلافات متباينة، حيث تسعى كل دولة إلى تحقيق مصالحها الخاصة في البحر الأحمر، بغض النظر عن المخاوف المشتركة وتبرز النزاعات الحدودية كأحد أهم هذه الخلافات، والتي قد تتصاعد لتصل إلى استخدام القوة.

الوضع الجيوسياسي للبحر الاحمر

يُعدّ البحر الأحمر شريانًا اقتصاديًا حيويًا، ومن المتوقع أن تتزايد أهميته الاستراتيجية في العقود القادمة فمن الناحية الجيوسياسية، يمرّ عبره أكثر من 10% من حجم التجارة العالمية سنويًا، عابرًا اثنين من أهم الممرات المائية في العالم، وهما مضيق باب المندب عند مدخله الجنوبي، وقناة السويس المصرية في الشمال.

ولا تقتصر أهمية البحر الأحمر على كونه حلقة وصل بين البحر الأبيض المتوسط وقناة السويس والمحيط الهندي، بل يتعدى ذلك ليصبح منطقة بحرية ذات نقاط اختناق عسكرية حساسة، مما يجعله طريقًا استراتيجيًا للإمدادات الحيوية من النفط والغاز والتجارة، فضلًا عن كونه مسارًا هامًا لكابلات الاتصالات الدولية والعمليات العسكرية.

تشهد منطقة البحر الأحمر، التي تضم الدول المطلة على سواحل شمال شرق أفريقيا وشبه الجزيرة العربية نموًا سكانيًا واقتصاديًا ملحوظًا فمن المتوقع أن يتضاعف عدد السكان من حوالي 620 مليون نسمة إلى ما يقرب من 13 مليار نسمة بحلول منتصف القرن الحادي والعشرين، مصحوبًا بارتفاع ملحوظ في الناتج المحلي الإجمالي من 18 تريليون دولار إلى 61 تريليون دولار خلال الفترة نفسها.

 

ومع ذلك، يواجه الساحل الأفريقي للمنطقة تحديات تنموية كبيرة، أبرزها نقص البنية التحتية والموانئ التجارية الكبيرة ذات المياه العميقة وعلى الرغم من هذه التحديات، فإن الإمكانات الهائلة للمنطقة تجذب اهتمامًا سياسيًا واقتصاديًا وعسكريًا متزايدًا، مما يؤدي إلى تصاعد الصراعات المسلحة وعدم الاستقرار السياسي.

في المشهد الجيوسياسي المتغير، تبرز مصر وإسرائيل والمملكة العربية السعودية كقوى إقليمية مؤثرة، بينما تواجه الدول الأربع المتبقية تحديات اقتصادية جمة، تشمل الفقر والتقلبات السياسية والهشاشة وقد أدى هذا التفاوت في القوة إلى زيادة ملحوظة في الوجود العسكري الإقليمي والدولي في المنطقة

وتزخر المنطقة البحرية المحيطة بالبحر الأحمر، خاصة في القرن الأفريقي، بموارد طبيعية قيّمة، تشمل احتياطيات النفط والغاز، والثروة السمكية، وممرات الشحن، والخدمات الملاحية وتشير التقديرات إلى أن الصومال، على وجه الخصوص، يمتلك احتياطيات هائلة من النفط والغاز، قد تجعله يحتل المرتبة السابعة عالميًا في احتياطيات النفط والرابعة عالميًا في احتياطيات الغاز.

أدى التنافس المتزايد على النفوذ في البحر الأحمر، وأهميته كشريان حيوي للتجارة العالمية، إلى دمج منطقة القرن الأفريقي في منظومات الأمن الإقليمية والدولية الأوسع، التي تشمل الشرق الأوسط، ومنطقة المحيطين الهندي والهادئ، والبحر الأبيض المتوسط ونتيجة لذلك، لم تعد التطورات في القرن الأفريقي ذات تأثير محلي فحسب، بل أصبحت تؤثر بشكل مباشر على البيئات السياسية والاقتصادية والأمنية لهذه المناطق المترابطة.

الأهمية الأستراتيجية للبحر الأحمر

لطالما كان البحر الأحمر عبر التاريخ حلقة وصل حيوية ضمن شبكة الممرات المائية العالمية، التي تربط البحر الأبيض المتوسط بالمحيط الهندي عبر قناة السويس ومضيق باب المندب، مما دفع مسؤولًا دفاعيًا أمريكيًا إلى وصفه بـ “الطريق السريع 95 للعالم” وقد جذبت أهميته الاستراتيجية والاقتصادية أنظار القادة العسكريين عبر العصور، بدءًا من الإسكندر الأكبر وصولًا إلى نابليون بونابرت، مما رسخ مكانته كنقطة محورية في الشؤون الجيوسياسية.

يُمثّل البحر الأحمر نقطة ارتكاز في حركة التجارة الدولية، إذ يربط بين القارات الآسيوية والأوروبية، مرورًا بمنطقة الشرق الأوسط وتُشير تقديرات شركات الشحن العالمية إلى أن حوالي 10% من التجارة العالمية البحرية تعبر خلال هذا الممر الحيوي، بما في ذلك نسبة كبيرة من شحنات الحاويات والموارد الطاقية، مما يُبرز أهميته الاستراتيجية والاقتصادية ودوره المؤثر في تحديد مسارات التجارة العالمية.

تُلقي تداعيات الصراع الإسرائيلي الفلسطيني المستمرة بظلالها على حركة التجارة العالمية، حيث يُعد الحصار الحوثي، نقطة ارتكاز هذا التأثير، عاملاً رئيسيًا في تعطيل ما يقارب 12% من حجم التجارة العابرة للبحر الأحمر هذه الاضطرابات تجبر شركات الشحن على تغيير مساراتها، وتحويل الملاحة إلى طريق رأس الرجاء الصالح في جنوب أفريقيا هذا التحول يفرض زيادة ملحوظة في زمن الرحلات البحرية، تتراوح بين 10 و30 يومًا، بحسب سرعة السفينة ووجهتها وبالتالي، فإن حتى جزءًا يسيرًا من سلاسل التوريد المعتمدة على البحر الأحمر قد يُحدث خللاً كبيرًا في العمليات التشغيلية ويُقلص الأرباح كما أن تمديد فترات الشحن يزيد من التكاليف ويؤثر على توافر السفن.

تتجاوز آثار هذه الاضطرابات التجارية مجرد التأثير على حركة البضائع بين أوروبا وآسيا، بل تمتد لتشمل التجارة بين الولايات المتحدة وآسيا أيضًا فجزء كبير من البضائع الآسيوية المتجهة إلى الساحل الشرقي للولايات المتحدة يعبر عادةً قناة السويس، ثم مضيق جبل طارق، وصولًا إلى المحيط الأطلسي.

في ظل هذه التحديات المتشعبة، يبرز الدور الحيوي للوجود الأمني والعسكري في ضمان حرية الملاحة وتنظيم حركة التجارة، وحماية الممرات البحرية الاستراتيجية، وفي مقدمتها مضيق باب المندب، البوابة الجنوبية للبحر الأحمر وتزداد أهمية هذا الوجود في دول مثل إريتريا وجيبوتي والصومال، التي لا تستضيف فقط طرقًا ملاحية حيوية، بل تُعد أيضًا قواعد لوجستية للأنشطة التجارية الدولية ومع تزايد أهمية البحر الأحمر في الاقتصاد العالمي، يصبح التعامل الفعال مع هذه التحديات ضرورة ملحة لضمان سلامة العمليات البحرية في المنطقة.

ديناميكيات جيوسياسية متسارعة

تشهد منطقة البحر الأحمر تحولات جيوسياسية متسارعة، حيث تتزايد القواعد العسكرية للقوى العالمية والإقليمية، مما يغير من ديناميكيات المنطقة بشكل جذري ويُعد البحر الأحمر نقطة وصل استراتيجية بين أفريقيا وآسيا، حيث يضم جناحه الغربي دولًا مثل مصر والسودان وإريتريا وجيبوتي، بينما يشكل الساحل الشرقي المملكة العربية السعودية واليمن وخلال العقد الأخير كان هناك تركيزًا متزايدًا من القوى الكبرى وعلى رأسها الصين واليابان، على منطقة البحر الأحمر، تجسد في إنشاء قواعد عسكرية خارجية في جيبوتي ذات الموقع الاستراتيجي في القرن الأفريقي وقد أكدت التجارب العملية للصين، خاصة خلال عمليات الإجلاء من ليبيا واليمن، الأهمية الحيوية لوجود قواعد عمليات متقدمة في المنطقة وفي سياق متصل أعربت روسيا عن عزمها إقامة قاعدة بحرية في السودان، مما يشير إلى توسع نفوذها في المنطقة.

تعزز الولايات المتحدة نفوذها في المنطقة من خلال قاعدة عسكرية في جيبوتي وعلاقات استراتيجية وثيقة مع مصر وإسرائيل والسعودية كما تؤكد مشاركتها في الجهود الدولية، مثل القوات البحرية المشتركة (CMF)، التزامها بتشكيل المشهد الجيوسياسي للبحر الأحمر وبالرغم من محدودية مساحتها ومواردها الطبيعية، استغلت جيبوتي موقعها الجيوسياسي الاستراتيجي لتصبح مركزًا للقواعد العسكرية الأمريكية والأوروبية والآسيوية، بهدف حماية مصالحها في البحر الأحمر ويشير الوجود المتزامن للقوى العظمى مثل الولايات المتحدة والصين وروسيا، إلى تصاعد التنافس الدولي في المنطقة ويتمتع ميناء إيلات الإسرائيلي بموقع استراتيجي في الركن الشمالي الشرقي لهذا الممر المائي الحيوي.

برز البحر الأحمر كحلقة وصل استراتيجية في مبادرة الحزام والطريق الصينية (BRI)، مما جعله محورًا للتنافس الجيوسياسي في النصف الشرقي من الكرة الأرضية خلال العقد الماضي وقد تزامن توسع الاستثمارات الصينية في البنية التحتية من جيبوتي عبر البحر الأحمر إلى البحر الأبيض المتوسط مع تعزيز الوجود العسكري الصيني في المنطقة ومن أبرز مظاهر هذا التعزيز، التوسع الكبير الذي شهدته قاعدة برنيس البحرية المصرية، التي تم افتتاحها عام 2021 وفي الجنوب، شهدت موانئ السودان تطورات ملحوظة في سياق الجغرافيا السياسية الإقليمية، حيث تعمل الصين على إعادة تأهيل وتوسيع محطة حاويات بورتسودان، ودمجها في إطار مبادرة الحزام والطريق.

 

يشهد البحر الأحمر تصاعدًا في التنافس على المواقع الاستراتيجية، حيث تعمل الولايات المتحدة على تعزيز وجودها البحري في المنطقة وفي خطوة استراتيجية مضادة لمبادرة الحزام والطريق، تم الكشف في سبتمبر عن الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا (IMEC)، والذي يهدف إلى ربط الهند بشبه الجزيرة العربية ومنها إلى أوروبا، متجاوزًا البحر الأحمر بالكامل تسعى هذه المبادرة الجيوسياسية إلى جذب الدول الإقليمية بعيدًا عن النفوذ الصيني، رغم توقيع السعودية والإمارات على مبادرة الحزام والطريق ومن المتوقع أن يساهم الممر الاقتصادي بين الهند وأوروبا، إذا تم تنفيذه، في تقليل زمن نقل البضائع من الهند إلى أوروبا بنسبة 40%، مما قد يجعل السعودية مركزًا لوجستيًا عالميًا.

دوافع انعدام الأمن

تتنوع دوافع انعدام الأمن في منطقة البحر الأحمر، لكنها تنحصر في أنشطة الوكالة والتنافس الإقليمي فقد تضاءلت مشكلة القرصنة قبالة السواحل الصومالية، والتي كانت تمثل التحدي الأمني الأبرز في البحر الأحمر، بفضل عملية بحرية دولية واسعة النطاق بدأت عام 2008 ومنذ ذلك الحين، حل الصراع في اليمن محل القرصنة كمصدر رئيسي لعدم الاستقرار.

مع اندلاع الأحداث في اليمن عقب الإطاحة بالرئيس السابق علي عبد الله صالح عام 2012، سرعان ما تحولت البلاد إلى ساحة أخرى للتنافس السعودي الإيراني على النفوذ الإقليمي، حيث قدمت إيران الدعم للحوثيين وقد أدى ذلك إلى تدخل عسكري من السعودية والإمارات لدعم الحكومة اليمنية وبالإضافة إلى الأزمة الإنسانية الكارثية في اليمن، سرعان ما تحول الصراع إلى تهديد خطير لحركة الشحن في البحر الأحمر.

شنّت قوات الحوثيين عشرات الهجمات على السفن الدولية في المياه قبالة السواحل اليمنية، بدءًا بهجمات باستخدام صواريخ غير متطورة نسبيًا وقد استخدمت القوات الحوثية ما لا يقل عن 24 صاروخًا مضادًا للسفن كما أعلنت القوات السعودية عن تفكيكها لعدة ألغام بحرية زرعها الحوثيون، تم اكتشافها في ممرات الشحن الدولية وفي الآونة الأخيرة، تصاعد التهديد الناجم عن استخدام الطائرات البحرية المسيرة المسلحة خلال الفترة ما بين يناير 2017 ويونيو 2021 كما استهدفت قوات الحوثيين سفنًا عسكرية في بعض الأحيان.

أدت التنافسات الإقليمية بين دول الخليج إلى تصاعد التوترات السياسية على امتداد سواحل البحر الأحمر فبعد الخلافات العميقة بين السعودية وقطر عام 2017، شهدت المنطقة مقاطعة سياسية واقتصادية لقطر وقد نتج عن ذلك تسارع القوى المتنافسة نحو السيطرة على الموانئ التجارية والمواقع العسكرية على السواحل الأفريقية للبحر الأحمر وامتدت هذه المنافسات لتشمل التدخلات السياسية في عمليات الانتقال السياسي في المنطقة، خاصة في الصومال وإثيوبيا والسودان ففي السودان، سعت كل من تركيا وقطر إلى دعم القوى الإسلامية، مما جعل السودان ساحة للصراع السياسي الأوسع بين هذه الأطراف في مناطق أخرى من الشرق الأوسط.

 

 

التعزيزات العسكرية في الشرق الأوسط

مع امتداد التنافسات الشرق أوسطية إلى البحر الأحمر، شهدت المنطقة تصاعدًا ملحوظًا في التدخلات العسكرية فقد أنشأت الإمارات العربية المتحدة قاعدة عسكرية في ميناء عصب الإريتري عام 2015، لتكون نقطة انطلاق لعملياتها البحرية والجوية ضد الحوثيين في اليمن وقد ساهمت هذه القاعدة، إلى جانب اتفاقيات أخرى لتأمين الوصول إلى موانئ المنطقة وتطويرها، في توسيع الوجود الإماراتي في البحر الأحمر بشكل كبير، مما أدى إلى تداعيات عسكرية واقتصادية متنوعة وذلك على الرغم من إلغاء الإمارات خططها عام 2020 لبناء قاعدة عسكرية ثانية في بربرة في أرض الصومال.

على الرغم من عدم امتلاك تركيا وقطر، المتحالفتين في صراعهما على النفوذ الإقليمي مع السعودية والإمارات، لقواعد بحرية أو عسكرية في البحر الأحمر، إلا أنهما تلجآن إلى تقديم المساعدات الاقتصادية وعقد الصفقات التجارية كوسيلة لتعزيز نفوذهما لدى الدول المطلة على البحر الأحمر وتُدير تركيا قاعدة تدريب للقوات الصومالية في مقديشو، وفي عام 2017، وقّعت اتفاقية مع السودان لإعادة تأهيل جزيرة سواكن.

بالإضافة إلى الصراع اليمني والتهديدات العسكرية التي تواجه الملاحة الدولية في البحر الأحمر، تزيد الصراعات الإقليمية المشتعلة من حالة عدم الاستقرار في المنطقة فالصراعات الدائرة في إثيوبيا، خاصة في منطقة تيجراي، والصراعات المتقطعة في الصومال وجنوب السودان والسودان، تجذب تدخلات من قوى إقليمية عديدة، مثل السعودية والإمارات ومصر، والتي تتنافس مع تركيا وقطر على النفوذ.

أصبحت جيبوتي مركزًا حيويًا للتواجد العسكري الأجنبي، حيث تستضيف قواعد بحرية للولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا واليابان والصين وقد شاركت هذه الدول في عمليات دولية لمكافحة القرصنة، ولا تزال تحافظ على وجودها هناك لهذا الغرض بشكل كبير، مع تركيز الولايات المتحدة والصين أيضًا على مصالحهما الاستراتيجية الأوسع وتُعد قاعدة معسكر ليمونييه الأمريكية في جيبوتي نقطة ارتكاز حيوية لوجودها البحري والجوي في الخليج وجزيرة دييجو جارسيا ومناطق أخرى في المحيط الهندي وشرقها كما تُعد القاعدة مقرًا رئيسيًا لعمليات القيادة الأمريكية في أفريقيا، حيث تستضيف 4000 جندي أمريكي وحلفائهم

تحافظ الصين على وجود بحري دائم في المنطقة منذ انضمامها إلى عمليات مكافحة القرصنة عام 2008 حيث نشرت في بعض الأحيان أكثر من 26 ألف جندي وفي عام 2017، أنشأ الجيش الصيني قاعدة لوجستية في جيبوتي، تهدف إلى دعم العمليات البحرية وحفظ السلام في القرن الأفريقي، بالإضافة إلى عمليات الطوارئ المحتملة، مثل إجلاء الرعايا (كما فعلت في ليبيا عام 2011 واليمن عام 2015) ويهدف الوجود الصيني في جيبوتي أيضًا إلى دعم عمليات مكافحة الإرهاب المحتملة وجمع المعلومات الاستخبارية.

على الصعيد الروسي، أبرمت موسكو اتفاقيات تعاون عسكري مع نحو 20 دولة أفريقية ورغم تعثر مفاوضاتها لإنشاء قاعدة عسكرية في جيبوتي، فقد نجحت في التوصل إلى اتفاق مع السودان في 12 فبراير 2025، يقضي بإنشاء قاعدة بحرية روسية في مدينة بورتسودان الساحلية على البحر الأحمر ووفقًا للطرفين، ستكون هذه القاعدة بمثابة نقطة ارتكاز استراتيجية لضمان الأمن والاستقرار في المنطقة، وتعزيز التعاون العسكري التقني بين البلدين.

 

ختامًا، يُعد البحر الأحمر شريانًا حيويًا للتجارة العالمية والجيوسياسية، حيث يربط بين مناطق استراتيجية ويسهل حركة البضائع وقد أدت التوترات الأخيرة، وتصاعد الاشتباكات مع الحوثيين، إلى تدخل إيراني واستدعت تشكيل قوة مهام بحرية أمريكية ويُعتبر استقرار البحر الأحمر ضروريًا لخطط التنمية في الدول المطلة عليه، كما أنه بالغ الأهمية للازدهار العالمي وسلاسة حركة التجارة، مما يؤكد دوره المحوري في تشكيل المشهد الجيوسياسي ولهذا السبب، أنشأت الدول المطلة عليه منتدى إقليميًا للبحر الأحمر ومع ذلك لا يزال الأمر يتطلب جهودًا إقليمية ودولية مكثفة للحفاظ على الأمن والاستقرار في هذا الممر المهم عالميًا.

 

 

المصدر: مركز رع للدراسات الاستراتيجية

الكاتب : د. مصطفى عيد إبراهيم

التاريخ : 14/3/2025

--------------------------------------------------

المصدر: صحيفة إيلاف

الكاتب : خالد المطلق

التاريخ : 13/9/2024

المقالات الأخيرة