عودة الحرب على غزة
فرع القاهرة

 انتهاك الاحتلال الإعلان العالمى لحقوق الإنسان

 

يعتبر عودة الحرب على قطاع غزة انتهاكا صارخا لكافة القوانين والمعاهدات الدولية وإطاحة بمبادئ حقوق الإنسان وفى السطور التالية نوضح كيف اخترق الاحتلال قواعد الإعلان العالمى لحقوق الإنسان

ويعتبر الإعلان العالمى لحقوق الإنسان وثيقة تاريخية هامة في تاريخ حقوق الإنسان، صاغه ممثلون من مختلف الخلفيات القانونية والثقافية من جميع أنحاء العالم، واعتمدت الجمعية العامة الإعلان العالمى لحقوق الإنسان فى باريس فى 10 ديسمبر 1948 بموجب القرار 217 ألف بوصفه أنه المعيار المشترك الذى ينبغي أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم وهو يحدد، وللمرة الأولى، حقوق الإنسان الأساسية التى يتعين حمايتها عالميا

لم تكن الحرب التي اشتعلت من جديد في غزة سوى حلقة أخرى من مسلسل القتل والدمار الذي تمارسه آلة الاحتلال الصهيوني منذ عقود، مدفوعة بسياسة إجرامية لا تعرف حدودًا أخلاقية أو قانونية هذه الحرب ليست سوى استمرار لنهج الاحتلال القائم على الإبادة الجماعية والتطهير العرقي بحق الشعب الفلسطيني، وهي تذكير آخر بأن هذا الكيان لم يكن يومًا ملتزمًا بأي اتفاق أو معاهدة، بل كان ولا يزال مثالًا حيًا على الغدر والخداع السياسي

منذ نشأته على أرض فلسطين المحتلة، اعتمد الكيان الصهيوني سياسة قائمة على التلاعب والخداع، سواء على الصعيد السياسي أو العسكري فمنذ وعد بلفور وحتى اتفاقيات أوسلو، أثبتت “إسرائيل” أنها لا تلتزم بأي تعهد، بل تستخدم الاتفاقيات كوسيلة لكسب الوقت وتثبيت أقدامها في الأراضي المحتلة تاريخيًا، لم يكن السلام يومًا جزءًا من أجندة هذا الكيان، بل كان دائمًا يعتمد على الحروب والتوسع عبر القتل والتهجير القسري وعلى الرغم من الوعود المتكررة التي قدمتها القوى الداعمة له، وعلى رأسها الولايات المتحدة، فإن كل اتفاق يُبرم سرعان ما يُنتهك، ولا يكون الهدف منه سوى تهيئة الظروف لجولة جديدة من العدوان ما يحدث اليوم في غزة هو دليل آخر على ذلك، حيث لم يمضِ وقت طويل على وعود التهدئة حتى عاد الاحتلال ليقصف المدنيين العزل بلا رحمة

وترجمت تلك الحقوق إلى 500 لغة من لغات العالم، ومن المعترف به على نطاق واسع أن الإعلان العالمى لحقوق الإنسان قد ألهم ومهد الطريق لاعتماد أكثر من سبعين معاهدة لحقوق الإنسان، مطبقة اليوم على أساس دائم على المستويين العالمى والإقليمى

وجاءت كالتالى:

لما كان الاعتراف بالكرامة المتأصلة في جميع أعضاء الأسرة البشرية وبحقوقهم المتساوية الثابتة هو أساس الحرية والعدل والسلام فى العالم، فى حين أن تناسي حقوق الإنسان قد أدى إلى أعمال همجية أثارت غضب ضمير البشرية، وظهور عالم يتمتع فيه البشر بحرية الكلام والمعتقد والتحرر من الخوف والعوز قد أعلن أنه أعلى تطلعات من عامة الناس

نقد معاهدة السلام

لما كان من الضرورى أن يتولى القانون حماية حقوق الإنسان لكيلا يضطر المرء آخر الأمر إلى التمرد على الاستبداد والظلم، ولما كان من الجوهري تعزيز تنمية العلاقات الودية بين الدول

ولما كانت شعوب الأمم المتحدة قد أكدت في الميثاق من جديد إيمانها بحقوق الإنسان الأساسية وبكرامة الفرد وقدره وبما للرجال والنساء من حقوق متساوية وحزمت أمرها على أن تدفع بالرقي الاجتماعي قدماً وأن ترفع مستوى الحياة في جو من الحرية أفسح، ولما كانت الدول الأعضاء قد تعهدت بالتعاون مع الأمم المتحدة على ضمان اطراد مراعاة حقوق الإنسان والحريات الأساسية واحترامها، ولما كان للإدراك العام لهذه الحقوق والحريات الأهمية الكبرى للوفاء التام بهذا التعهد

فالآن، الجمعية العامة، تنادى بهذا الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على أنه المستوى المشترك الذى ينبغى أن تستهدفه كافة الشعوب والأمم حتى يسعى كل فرد وهيئة في المجتمع، واضعين على الدوام هذا الإعلان نصب أعينهم، إلى توطيد احترام هذه الحقوق والحريات عن طريق التعليم والتربية واتخاذ إجراءات مطردة قومية وعالمية، لضمان الاعتراف بها ومراعاتها بصورة عالمية فعالة بين الدول الأعضاء ذاتها وشعوب البقاع الخاضعة لسلطاتها

وتنص المادة 1 منه على أن يولد جميع الناس أحراراً ومتساوين في الكرامة والحقوق وهم قد وهبوا العقل والوجدان وعليهم أن يعاملوا بعضهم بعضاً بروح الإخاء

فيما نصت المادة 2 على أنه لكلِّ إنسان حقُّ التمتُّع بجميع الحقوق والحرِّيات المذكورة فى هذا الإعلان دونما تمييز من أيِّ نوع، ولا سيما التمييز بسبب العنصر، أو اللون، أو الجنس، أو اللغة، أو الدِّين، أو الرأي سياسيًّا وغير سياسي، أو الأصل الوطني أو الاجتماعي، أو الثروة، أو المولد، أو أيِّ وضع آخر وفضلاً عن ذلك لا يجوز التمييزُ علي أساس الوضع السياسي أو القانوني أو الدولى للبلد أو الإقليم الذى ينتمى إليه الشخص، سواء أكان مستقلاًّ أو موضوعًا تحت الوصاية أو غير متمتِّع بالحكم الذاتي أم خاضعًا لأيِّ قيد آخر على سيادته

ونصت المادة 3 على أنه لكلِّ فرد الحقُّ في الحياة والحرِّية وفي الأمان على شخصه

ترامب أداة في يد إسرائيل

لم يكن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب سوى أداة أخرى في يد اللوبي الصهيوني، الذي وجه سياساته لخدمة المشروع الإسرائيلي بالكامل فبعدما خدع شعبه وأوهمه بأنه سيوقف الحروب، استمر في تقديم الدعم غير المشروط لـ”إسرائيل”، بل ساعدها في تسريع عملية التوسع والاستيطان والتطهير العرقي ادعاؤه بأنه سيساهم في إيقاف الحرب في أوكرانيا لم يكن سوى دعاية سياسية، الهدف الحقيقي منها كان إبعاد الأنظار عن المخطط الصهيوني لاستكمال عملية إبادة الشعب الفلسطيني دون عوائق

إن تورط الإدارات الأمريكية المتعاقبة في دعم “إسرائيل” ليس أمرًا جديدًا، ولكنه أصبح أكثر وضوحًا في السنوات الأخيرة، خاصة مع سياسة ترامب التي عززت جرائم الاحتلال من خلال الاعتراف بالقدس عاصمة له، ودعمه لعمليات القتل الممنهج في غزة والضفة الغربية

بالإضافة إلى وسائل الابتزاز، يلعب اللوبي الصهيوني دورًا محوريًا في التأثير على السياسة الأمريكية من خلال التمويل المالي للسياسيين عبر منظمة الإيباك (AIPAC) تُعتبر الإيباك واحدة من أقوى جماعات الضغط في الولايات المتحدة، حيث تعمل على ضمان دعم أمريكي متواصل لـ”إسرائيل” تقوم الإيباك بتقديم تبرعات سخية للمرشحين السياسيين الذين يدعمون سياسات “إسرائيل”، مما يضمن ولاءهم وتأييدهم المستمر للاحتلال وسياساته

دور الإيباك في تمويل السياسيين الأمريكيين

تشير التقارير إلى أن الإيباك أنفقت ملايين الدولارات في دعم حملات انتخابية لسياسيين أمريكيين، بهدف ضمان تمرير سياسات تخدم المصالح الإسرائيلية هذا التمويل السخي يجعل من الصعب على أي سياسي أمريكي اتخاذ موقف معارض لـ”إسرائيل”، خوفًا من فقدان الدعم المالي والسياسي الذي توفره الإيباك

من بين التكتيكات التي استخدمتها الإدارة الأمريكية لترهيب أي صوت معارض كان اعتقال الطالب الفلسطيني من جامعة كولومبيا، في محاولة بائسة لإخافة الشارع الأمريكي وردع الأصوات التي بدأت تفضح الدور الصهيوني في التحكم بالسياسات الأمريكية إلا أن هذه المحاولات لن تفلح، فقد أصبح الجيل الجديد أكثر وعيًا بحقيقة من يدير أمريكا ومن يتحكم بسياساتها الخارجية

الطلاب في الجامعات الأمريكية، وشرائح واسعة من المجتمع الأمريكي، بدأوا يدركون أن بلادهم ليست حرة كما كانوا يظنون، بل خاضعة بالكامل للوبي الصهيوني الذي يوجه سياساتها وفق مصالح الاحتلال الإسرائيلي وهذا الوعي المتزايد ينذر بانفجار قادم داخل الولايات المتحدة نفسها، حيث بدأت الأصوات المعارضة للسياسات الصهيونية تزداد، ليس فقط في الشارع الأمريكي، بل في مختلف أنحاء العالم

لقد أصبحت القضية الفلسطينية اليوم رمزًا عالميًا للمقاومة في وجه الاستعمار الحديث كلما زادت وحشية الاحتلال، كلما ازدادت شرعية المقاومة الفلسطينية، وأصبح التأييد لها يمتد من الشرق إلى الغرب لم يعد الإعلام الغربي قادرًا على تبرير الجرائم الإسرائيلية، ولم يعد العالم يتقبل الأكاذيب التي حاولت “إسرائيل” الترويج لها لعقود

إن مشاهد المجازر في غزة، وعمليات القتل التي لا تفرق بين طفل وامرأة، جعلت الملايين حول العالم يدركون أن القضية الفلسطينية ليست مجرد صراع سياسي، بل معركة بين الحق والباطل، بين شعب يناضل من أجل حريته، واحتلال غاشم يمارس التطهير العرقي بغطاء دولي

في النهاية، لا يمكن لأي قوة في العالم أن تقضي على عدالة القضية الفلسطينية كل المحاولات التي تقوم بها “إسرائيل” لإبادة الشعب الفلسطيني ستفشل، كما فشلت كل مشاريع الاحتلال عبر التاريخ الشعوب الحرة في العالم بدأت تدرك حقيقة ما يجري، والجيل الجديد في أمريكا وأوروبا لن يسكت عن الظلم، بل سيواصل انتفاضته ضد الأنظمة التي تدعم الاحتلال

 

قد تحاول إسرائيل وحلفاؤها كسب الوقت، وقد تستمر في جرائمها، ولكنها في النهاية لن تستطيع القضاء على إرادة شعب بأكمله، الحق الفلسطيني ثابت والمقاومة مستمرة

 

 

المصدر: صحيفة اليوم السابع

التاريخ : 20/3/2025

------------------------------------------------------------

المصدر: صحيفة الرأي

الكاتب : أروى الشاعر

التاريخ : 20/3/2025

المقالات الأخيرة