في
ظل أزمة الغاز التي تعاني منها القارة العجوز، وفي ظل معدلات التضخم التاريخية،
وأزمة ارتفاع تكلفة المعيشة، تحتاج أوروبا إلى تحمل تكاليف إضافية لاستيراد الغاز
الطبيعي المسال.
حيث
انخفض سعر الجملة للغاز الطبيعي في أوروبا من (يناير/ 2023) إلى أدنى مستوى له منذ
بداية الحرب في أوكرانيا، وبات أرخص مما كان عليه في أغسطس الماضي بخمس مرات
تقريبًا، على خلفية شتاء دافئ نسبيًا يسمح بتوفير المخزون.
وبعد
عام من التقلبات الشديدة، مع بلوغ تكاليف الطاقة مستويات مرتفعة قياسية، في خضم
الحرب الروسية في أوكرانيا، بدأت السوق عام 2023 بضغوط أقل حدة. وتراجعت أسعار
الغاز بحوالي 47% في ديسمبر الماضي، بعدما نجحت أوروبا في إحلال التدفقات الروسية
التي تم تحجيمها، بإمدادات من الغاز الطبيعي المسال.
وانخفضت
عقود "تي تي اف" الهولندي، المؤشر المرجعي للغاز الطبيعي في أوروبا
بنسبة 4,67 بالمئة لتسجل 72,75 يورو للميغاوات ساعة للشحنات التي تُسلَّم في
فبراير، وهو السعر الأدنى منذ 21 /فبراير. وانخفض سعر الغاز تسليم الشهر المقبل
بنحو 50 بالمئة في غضون شهر واحد، وتراجع إلى حد كبير من الذروة التي بلغها في
الصيف حيث سجل في أغسطس/ 2022، 342 يورو لكل ميغاوات ساعة.
وتعتمد
الدول الأوروبية على إجراءات تهدف إلى تقليل الطلب على الطاقة، إلا أن أي مشكلات
للبنية التحتية الخاصة بها أو حتى حدوث خفض أكبر للإمدادات الروسية من الغاز،
سيجعل تحديد حصص لاستهلاك الكهرباء، أو انقطاع التيار الكهربائي في الدول
الأوروبية أمرا لا مفر منه، ما يشكل تحديًا كبيرا.
وكانت
الدول الأوروبية قد زادت مخزوناتها من الغاز إلى 90 بالمئة من سعتها، ولكن توقف
إمدادات الغاز عبر خط "نورد ستريم 1" من روسيا إلى ألمانيا يترك فجوة
كبيرة، وذلك رغم زيادة الإمدادات من أماكن أخرى.
فقد
خفضت روسيا تدريجيا تدفقات الغاز عبر خط "نورد ستريم 1"، وأيضا عبر طرق
أخرى، بعد فرض عقوبات غربية عليها بسبب حرب أوكرانيا، التي بدأت في فبراير من
العام الماضي، إلى أن توقفت الإمدادات بشكل كامل بنهاية شهر أغسطس الماضي.
وقال
مدير اقتصاديات الطاقة في شركة "إف جي إي"، إن الوضع في أوروبا سيظل هشا
للغاية".
وألمانيا،
صاحبة أكبر اقتصاد في أوروبا وأحد أكبر مستوردي الغاز الروسي في القارة، هي الأكثر
عرضة لاضطراب الإمدادات، وتعمل بشكل خاص على وضع خطط لحماية صناعاتها ومستهلكيها.
وقالت
الدول الأوروبية إنها تعمل على زيادة أمن البنية التحتية الحيوية لديها، بعد أن
وقعت انفجارات بخطي نورد ستريم 1 وأيضا نورد ستريم 2، الذي لم يعمل بعد لكنه كان
مليئا بالغاز استعدادا لتشغيله.
وربما
يتفاقم الانقطاع الروسي لو نفذت موسكو تهديدها بفرض عقوبات على شركة الطاقة
الأوكرانية نافتوجاز، بإغلاق أحد آخر خطوط الغاز الروسية العاملة إلى أوروبا.
أزمة
الغاز في أوروبا مستمرة
مع
ذلك، يحذّر البعض من أن أزمة أسعار الغاز في أوروبا، التي أثارتها التخفيضات
الكبيرة للإمدادات الروسية في أعقاب غزو أوكرانيا، لم تنتهِ بعد.
ففي
حين يبدو أن أوروبا مستعدة لمواكبة صيفًا من موجات الحر يتبعه شتاء بارد 2023-2024
يُمكن أن يتحدى قدرة الدول على إعادة البناء ثم الحفاظ على تخزين الغاز خلال
الشهور الـ 18 المقبلة.
كما
سيؤثر انتعاش الاقتصاد الصيني في الأسعار؛ إذ يمكن أن تؤدي زيادة واردات الغاز
الطبيعي إلى الصين إلى إعادة توجيه الشحنات إلى آسيا، ومن ثَم يتسبب في ارتفاع
الأسعار في أوروبا، وفق ما نقلته منصة "أويل برايس" (Oil Price).
وقال
رئيس شركة إيبردرولا الإسبانية، إغناسيو سانشيز غالان، إن أوروبا كانت
"محظوظة" بالطقس، وما زالت الإمدادات معرضة للأحداث الجيوسياسية.
وربما
تكون أسعار الغاز في أوروبا قد انخفضت، لكنها ما زالت ضعف متوسطها لمدة 5 سنوات في
ذلك الوقت من العام.
وفي
الوقت الحالي، تحصل سوق الغاز على يد المساعدة من أماكن أخرى أيضًا؛ إذ تسهم مصادر
الطاقة المتجددة في تقليل استخدام الغاز بتوليد الكهرباء في أوروبا.
مشتريات
مشتركة للغاز في أوروبا
في
سياق آخر، تعمل المفوضية الأوروبية على بدء شراء الغاز بشكل مشترك من قبل دول
الاتحاد الأوروبي "قبل الصيف بمدّة طويلة"، في محاولة لمساعدة الدول على
إعادة ملء مخزوناتها وتجنب أزمة الإمدادات في الشتاء المقبل.
وطلب
سيفكوفيتش من "الصناعة" تأكيد ما إذا كانوا مهتمين بالانضمام إلى خطة
الاتحاد الأوروبي لشراء الغاز بشكل مشترك، والتي تأمل المفوضية في أن تساعد أوروبا
على إعادة ملء كهوف التخزين المستنفدة، والتفاوض على أسعار أقل باستخدام القوة
الشرائية الجماعية للبلدان.
وقال
-في بيان-: "نعمل بجدول زمني ضيّق للاستعداد في الوقت المناسب لفصل الشتاء
المقبل وموسم إعادة تعبئة المخزونات.
وقال
بعض المسؤولين في الاتحاد الأوروبي إن بعض شركات الطاقة الكبرى أعربت عن ترددها في
الانضمام إلى الخطة الأوروبية لمشتريات الغاز المشتركة؛ إذ يمكنها التفاوض على
صفقات الغاز الخاصة بها، وتشك في أن هذه الخطة ستؤدي إلى انخفاض أسعار الغاز في
أوروبا.
وتهدف المفوضية إلى نشر كمية الغاز التي تخطط الدول الأوروبية لشرائها بشكل مشترك في أوائل الربيع، لجذب العروض من الموردين.
المراجع
_ دينا قدري، 16/ يناير/ 2023، أسعار الغاز في
أوروبا تسجل أدنى مستوياتها في 16 شهرًا، موقع الطاقة.
_ حازم شعار، 2/ يناير/ 2023، نقص الغاز في
أوروبا ينذر بمشكلات، موقع سكاي نيوز.