لماذا عاد تنافس القوى العظمى؟ وهل انتهى دور الأمم المتحدة؟
فرع بنغازي

منذ نهاية الحرب الباردة ومنذ التسعينيات كانت الولايات المتحدة هي القطب الأوحد المسيطر على سياسات العالم واليوم ظهرت حقائق جديدة أدت إلى أن يصبح العالم خلال هذه السنوات القليلة في حقبة تتميز بأعلى منافسة بين القوى العظمى منذ عقود كما صرح بذلك الأمين العام للأمم المتحدة.

وبغض النظر عن الفشل الذي منيت به السياسة الأمريكية واضطرها إلى الانسحاب من أفغانستان وكذلك إذا ما تجاوزنا تبعات جائحة كورونا وتمدد النفوذ الصيني في العالم والجسارة التي أصبح الدب الروسي يعامل بها كل العالم فإن حقبة التنافس هذه يمكن تلخيص أسبابها في النقاط التالية:

أولا- من نافلة القول إن التوترات الجيوسياسية والتي تركزت خلال فترة الحرب الباردة في مناطق الشرق الأوسط وأفريقيا بصورة شبه مطلقة لم تعد كذلك بل إنها اليوم وصلت إلى قلب أوروبا التي باتت روسيا تهددها بالرغم من اعتماد دول الاتحاد وكذلك أوكرانيا بالطبع على حلف الناتو مما جعل من اختلاط الأوراق السياسية والفوضى في المواقف المعلنة وغير المعلنة سببا لارتباك بعض الدول التي لا تريد خسارة الحليف الروسي مثل تركيا على سبيل المثال وبالتالي كان ما يمكن وصفه ب(التخبط الاستراتيجي )عاملا أساسيا في صراعات النفوذ بين القوى العظمى.

ثانيا - بات يظهر في الساحة تهديد جديد قديم لكنه في هذه الساعات قد تتشعب تبعاته وتصعب معرفة كيفية مواجهته وهو التهديد النووي فلم يعد الصراع أميركيا روسيا كما فترة الحرب الباردة بل أصبحت هناك قوى أخرى نظامية وغير نظامية داخل أوكرانيا وربما داخل روسيا كقوات فاغنر مثلا قادرة على أن تكون طرفا مشاكسا في اي حرب نووية مستقبلية.

ثالثا- منذ الربيع العربي تعرضت حقوق الإنسان على مستوى الشرق الأوسط وفي كثير من دول العالم لانتهاكات وصراعات طائفية وكل ذلك أدى إلى ازدياد الإرهاب في العالم وتدخل كثير من الدول في شؤون دول أخرى وكذلك فقد رأت بعض الدول تصرفات دول أخرى على أنها مهددة لبقائها كما نلحظ مثلا في الحرب في أوكرانيا قبل عام ونصف مما جعل العالم يحاول (التمترس) في أقطاب متناحرة يملك كل منها قوة هائلة لا يستهان بها.

رابعا- يمكنني أن أقول دون مواربة أن من الأسباب التي أدت إلى استعار هذا الصراع بين القوى العظمى خلال هذه الفترة هو شعورها بعدم تأثير الأمم المتحدة في حل الصراعات كما السابق ذلك أن الأمم المتحدة أصبح دورها مقتصرا على مطالبة الدول بالالتزام بميثاق الأمم المتحدة وهي واقفة عاجزة عن حل الصراع الروسي الأوكراني واقتصر دورها على تكرار عبارة(ضرورة احترام سيادة وسلامة أراضي جميع الدول )وقد سمعت هنا في واشنطن بجوار الكابيتول استخفافا من احد النواب في الكونجرس بالورقة التي قدمها يوم الخميس الماضي الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش إلى الأعضاء في الأمم المتحدة تحت اسم(جدول الأعمال الجديد للسلام)حيث أن هذه الورقة حملت اعترافا ضمنيا من الأمين العام بأن العالم كله هو الآن في حروب متعددة .

خامسا-الأمم المتحدة تبدو عاجزة عن مجابهة التهديدات التي تكاثرت عليها في مناطق عديدة ومتباعدة في العالم ...فلا هي قادرة على القيادة كما كانت سابقا...ولا هي تملك ذلك التقدير من معظم دول العالم لإعطائها الفرصة لطرح تصورها للحلول. ولا هي تستطيع وقف الانقسامات وتباعد الرؤى أو حتى محاولة تقريبها بين القوى العظمى المتناحرة اليوم. 

في خلاصة...يمكنني أن أقول أن وضع الأمم المتحدة اليوم مع صراعات القوى العظمى بات أقرب إلى القول السياسي الشهير(نحن لا نبحث عن حلول للازمة...أقصى ما نتمناه هو يكون لنا دور في إدارة الأزمة )





المراجع :

ماريا معلوف ،23.7.2023، لمَ عاد تنافس القوى العظمى؟ وهل انتهى دور الأمم المتحدة؟،سكاي نيوز.

ب، ن،8,5.2022، أميركا والصين.. الصراع البارد الذي يرسم ملامح العالم الجديد الجزيرة نت.

 

المقالات الأخيرة