إن الثقافة التنظيمية تعبر عن مجموعة مشتركة من المعتقدات والقيم والمدركات التي تشكل انطباعات، وترسخ اتجاهات، ويترتب عليها سلوكيات تشكل القواعد الأساسية لأداء العاملين في المنظمات وفق أسس الفاعلية والكفاءة، كعناصر تدعم الأداء الجيد إذا كانت الثقافة التنظيمية السائدة تشجع على ذلك، فقد اكتسب مصطلح الثقافة التنظيمية أهميته كعامل مؤثر في توجهات المنظمات وتطور أو تخلف مستوى أدائها.
يرتبــط مفهــوم الثقافــة التنظيميــة )Culture Organizational )بمفهــوم الثقافــة Culture ) بشــكل عــام فـــي بعــض العلـوم الإجتماعية، مثـل علـم الإجتماع والأنثروبولوجيا، ولـم تتـم الإشارة إلـى مصطلـح ثقافـة المؤسسة إلا فــي عـام 1970،
الثقافة التنظيمية ،تعرف بأنها مجموعة من القيم والافتراضات والمعتقدات المشتركة التي تحكم طريقة تصرف الأفراد داخل المؤسسات ، كما توثر بشكل قوي على أفراد المؤسسة فيما يخص تصرفاتهم وأدائهم الوظيفي، وحتى طريقة تنسيق ملابسهم ، وتنفرد كل منظمة بالثقافة التنظيمية الخاصة بها، حيث تهتم المنظمات بتطوير والحفاظ على ثقافة تنظيمية مبتكرة ومميزة توفر المبادئ التوجيهية والحدود الخاصة بسلوك أعضاء المنظمة، في وسيلة رائعة لتحديد احتياجات الموظف الجديد في التعلم والتدريب ليكون عضو منسجم وفعال في المنظمة.
أن الثقافة التنظيمية هي " الافتراضات والقيم الأساسية التي تطورها جماعة معينة، من أجل التكيف والتعامل مع المؤثرات الخارجية والداخلية، والتي يتم الاتفاق عليها وعلى ضرورة تعليمها للعاملين الجدد في التنظيم، من أجل إدراك الأشياء والتفكير بها بطريقة معينة تخدم الأهداف الرسمية".
تلعب الثقافة التنظيمية دورة رئيسة على جميع المستويات والأنشطة داخل التنظيم الإداري، حيث تساهم في خلق المناخ التنظيمي الملائم، الذي يعمل على تحسين وتطوير الأداء بشكل ملائم وفعال، مما يساعد على تحقيق الأهداف الفردية والجماعية والتنظيمية.
ما هي اهمية الثقافة التنظيمية؟:
- وضع المعايير التنظيمية وقواعد السلوك ورسم الحدود التي لا يمكن للموظفين تجاوزها.
- تساعد الثقافة التنظيمية المنظمة على الاستقرار، ويظهر هذا في استمرار الأفراد في المنظمة، وتفضيل العملاء والممولين البقاء مع المنظمة.
- تساعد الثقافة التنظيمية على توجيه سلوك الموظفين نحو تحقيق الأهداف من خلال اعتماد ثقافة سليمة.
- تعمل كمحفز جيد للموظفين، فعندما يشعر الموظف بالرضا والراحة يزداد حماسه ورغبته في تأدية المهام الموكلة إليه.
- تكفل الثقافة التنظيمية مجموعة من القواعد الضمنية التي توجه الأشخاص إلى التنمية، فالالتزام بالقواعد الضمنية يساهم بشكل كبير في زيادة انضباط الموظفين في المؤسسة
ما هي مكونات الثقافة التنظيمية؟:
أن سؤال مما تتكون الثقافة التنظيمية سؤال مهم يبحث عن إجابته الكثيرين في الفترة الأخيرة، ويمكن أيجاز مكونات الثقافة في الآتي :
المعتقدات التنظيمية: هي الأفكار المشتركة المتعلقة بما يخص طبيعة العمل والحياة الاجتماعية في العمل، وطريقة إنجاز العمل والمهام التنظيمية منها المساهمة في العمل الجماعي، المشاركة في عملية صنع القرارات.
القيم التنظيمية: هي المعتقدات التي تساهم في تحديد السلوك المقبول والمرفوض، والصواب و الخطأ.
التوقعات التنظيمية: ترتبط بالتعاقد السيكولوجي غير المكتوب، فهي مجموعة من القواعد التي يتوقعها الفرد من المنظمة والعكس صحيح خلال فترة العمل داخل المنظمة منها التقدير والاحترام المتبادل، فمن الضروري خلق بيئة تنظيمية مناسبة لدعم الاحتياجات النفسية للموظفين.
الأعراف التنظيمية: هي بعض المعايير المفيدة والهامة التي يتوجب على الموظفين الالتزام بها داخل المنظمة، منها عدم تعيين الأب والابن في نفس المنظمة.
أنواع وأنماط الثقافة التنظيمي:
تم تقسيم الثقافة إلى عدة أنواع منها:
1- الثقافة البيروقراطية Bureaucratic Culture:
تحدد السلطة والمسؤوليات, ويأخذ تسلسل السلطة بالشكل الهرمي في نقل المعلومات وتعتمد على التحكم والإلتزام.
2- الثقافة الإبداعية Innovative Culture:
ويتميز بوجود بيئة عمل تساعد على الإبداع, ويتسم أفرادها بحب المخاطرة في إتخاذ القرارات ومواجهة التحديات.
3- الثقافة المساندة Supportive Culture:
تتسم بيئة العمل بالصداقة, والعمل على المساعدة في انسجام ومؤازرة العاملين, وتعمل المنظمة على خلق جو من الثقة والمساواة والروح الودية والتركيز على الجانب الإنساني في العمل.
4- ثقافة العملياتProcess culture :
يتم التركيز على إنجاز العمل, وليس النتائج التي يحققها فيسود الحذر بين أعضاء التنظيم, وتقل الرغبة في المخاطرة, والفرد الناجح هو الذي يكون أكثر تنظيما ودقة في العمل.
5- ثقافة المهمة Task Culture:
وتكون موجهة نحو تحقيق الهدف وإنجاز العمل والتركيز على النتائج, كما تعطي أهمية خاصة لاستخدام الموارد بطريقة مثالية, لتحقيق أفضل النتائج فهي تركز على الخبرة, التي تلعب دورا بارزا في صناعة القرار.
6- ثقافة الدور : Role Culture:
وتؤكد هذه الثقافة على نوعية التخصصات الوظيفية وعلى الأدوار الوظيفية, أكثر من الأفراد, وتعطي أهمية كذلك للقواعد والأنظمة.
7- ثقافة النفوذ أو القوة:
إذ تعني أن عملية الضبط في مركز المنظمة واتخاذ القرارات يكون بيد عدد محدد من الأفراد البارزين وتكون القوة والنفوذ بيد من يتحكم بالمنظمة ويشبه لحد كبير نسيج العنكبوت.
8- ثقافة عضوية:
يكون فيها إدراك العاملين للقيم والمعتقدات والاتجاهات الإدارية مرتفع، ومن خصائصها التوجه نحو العلاقات العاطفية والائتلافية، واحترام الفردية، وتحمل المخاطرة والولاء الداخلي.
ويمكن حصر الآليات الرئيسة للمحافظة على الثقافة التنظيمية في النقاط التالية:
1- ممارسات الإدارة العليا:
رغم أهمية القيم المعلنة، إلا أن الممارسات تبقى الاختبار الحقيقي الطبيعة الثقافة التنظيمية السائدة، إذ يتضح ومن خلال الممارسات أنواع السلوك الذي يتم مكافأته والسلوكيات التي يتم استنكارها ومعاقبتها، ويشكل ذلك مؤشرات واضحة للعاملين.
2- اختيار العاملين:
تعتبر عملية اختيار العاملين خطوة رئيسة في تشكيل الثقافة التنظيمية، ذلك أنه ومن خلال عملية الاختيار يتم التعرف على الأفراد الذين ترى المنظمات أن لديهم مجموعة من الصفات والأنماط السلوكية، والخلفيات الثقافية، والاستعدادات والتوجهات المناسبة لها. فعملية التعيين تعني في نهاية الأمر اختيار الأشخاص الذين يتفقون مع قيم المنظمة.
3- المخالطة الاجتماعية:
عند اختيار عناصر جديدة في المنظمة فإن هذه العناصر لا تعرف ثقافة المنظمة، وبالتالي يقع على عاتق الإدارة أن تعرف الموظفين الجدد على الأفراد العاملين وعلى ثقافة المنظمة، وهذا أمر ضروري حتى لا يتغير أداء المنظمة.
الخــلاصـــــة :
نستخلص مما سبق أن للثقافة التنظيمية أهمية قصوى في حياة المنظمات من خلال إشراك العاملين في تحقيق أهدافها، حيث تعمل الثقافة التنظيمية الإيجابية على بناء القيم والمعتقدات والتوقعات التنظيمية التي تخدم أهداف المنظمة وتساعد على تحقيقها، لأنها المحرك الرئيس لتنظيم وتوجيه السلوك التنظيمي من خلال القيم التنظيمية التي تعمل على توجيه سلوك العاملين ضمن الظروف التنظيمية المختلفة وتوسيع آفاق ومدارك العاملين حول ما يدور حولهم من أحداث.
ويمكن للثقافة التنظيمية السائدة في المنظمة أن تكون عنصرا إيجابية وفاعلا في عملية تطبيق الإدارة الالكترونية، لأن تطبيق الإدارة الالكترونية يحتاج إلى ثقافة تؤمن بالتجديد والابتكار وتستوعب الكثير من المفاهيم الجديدة والتي تساعد على نجاح عملية التطبيق.
وبالتالي تعتبر الثقافة التنظيمية هي معيار الحكم لمدى قبول بيئة المنظمة لإدخال فكرة أو نموذج جديد، حيث أنها تعكس قدرة المنظمة على التكيف مع أساليب وممارسات جديدة كالإدارة الالكترونية.