اتفاقية بريتون وودز

المقدمة

نتج عن اتفاقية بريتون وودز والتي جرى التفاوض عليها في تموز/يوليو عام 1944 نظام نقدي دولي جديد، إذ توصّل إليه مندوبو 44 دولةً بعد التفاوض خلال مؤتمر الأمم المتحدة النقدي والمالي الذي عُقد في ذلك الشهر في مدينة بريتون وودز التابعة لولاية نيو هامبشير الأمريكية، وبموجب هذا الاتفاق رُبطت العملات العالمية الأخرى بقيمة الدولار الأمريكي، والذي رُبطت قيمته بسعر الذهب، قد انتهى نظام بريتون وودز فعليًا في أوائل سبعينيات القرن العشرين، عندما أعلن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون أن الولايات المتحدة لن تُبادل بعدها الذهب بالعملة الأمريكية. دوافع اتِّفاقية بريتون وودز لعلّ أبرز الدُّول التي كانت بحاجة إلى انعقاد اتِّفاقية بريتون وودز هي المملكة المُتَّحِدة، بالإضافة إلى الولايات المُتَّحِدة الأمريكيّة؛ حيث إنّ لكلٍّ منهما مصالح اقتصاديّة خاصّة؛ فالمملكة المُتَّحِدة كانت بحاجة إلى الاتِّفاقية؛ بسبب الديون المُستَحقَّة للولايات المُتَّحِدة الأمريكيّة في عام 1944م، أمّا الولايات المُتَّحِدة الأمريكيّة؛ فقد كانت سياستها تعتمد على التجارة الدوليّة غير المُقيَّدة وِفق مبدأ التحويل التلقائيّ للعُملات، علماً بأنّه كان لشروط التسوية النهائيّة لديون الحرب الأمريكيّة الإنجليزيّة دور مهمّ في انعقاد مؤتمر بريتون وودز

كيف نجحت اتفاقية بريتون وودز ؟

عندما التقى مندوبو الـ 44 دولةً والبالغ عددهم 730 مندوبًا في بريتون وودز في تموز/يوليو من عام 1944، كانت أهدافهم الرئيسية تتمحور حول إنشاء نظام عالمي فعّال للنقد الأجنبي ومنع انخفاض قيمة العملات بشكل تنافسي وتشجيع النمو الاقتصادي العالمي، وبالرغم من أن المؤتمر المشار إليه عُقد على مدار ثلاثة أسابيع فقط؛ فإن الاستعدادات لعقده استمرت عدة سنوات، ويُعتَبر كل من الاقتصادي البريطاني المشهور جون ماينارد كينيز والأميركي هاري ديكستر وايت ، كبير الاقتصاديين الدوليين في وزارة الخزانة الأمريكية، من المُعدين الرئيسيين لهذا النظام، وهدفَ كينز إلى إنشاء بنك مركزي عالمي قوي مع تسميته اتحاد المقاصة وإصدار عملة احتياطية دولية جديدة تسمى “البانكور” ، بينما خطط وايت لإنشاء صندوق إقراض أكثر تواضعًا مع دور أكبر للدولار الأمريكي بدلًا من إنشاء عملة عالمية جديدة، وفي النهاية استندت الخطة المعتمدة على أفكار كليهما، لكنها مالت أكثر نحو خطة وايت

:المفاهيم الرئيسية

أنشأت اتفاقية بريتون وودز نظامًا نقديًا دوليًا جديدًا والذي استمر من منتصف أربعينيات إلى أوائل سبعينيات القرن العشرين

ربطت الاتفاقية قيمة عملات الدول الأخرى بالدولار الأمريكي، والذي رُبط بدوره بسعر الذهب، والتي حُددت بـِ35 دولارًا للأونصة

مع انهيار اتفاقية بريتون وودز ؛ استطاعت البلدان اختيار طرق أخرى لتعيين قيمة عملاتها، بما في ذلك ترك قوى السوق تقرر

لم يعمل نظام بريتون وودز بشكل فعال وبكامل طاقته حتى عام 1958، بُلغَت هذه المرحلة بعدما أصبحت عملات الدول قابلة للتحويل، ومن أجل تحويل العملات قامت البلدان بتسوية أرصدتها الدولية بالدولار؛ في حين كانت الدولارات الأمريكية قابلةً للتحويل بالكامل إلى ذهب. وقد حدد سعر الصرف المطبّق في ذلك الوقت سعر الذهب 35 دولارًا لكل أونصة واحدة، وكانت مسؤولية المحافظة على ثبات سعر الذهب وضبط عرض الدولارات حسب الحاجة مسؤولية الولايات المتحدة الأمريكية

نتج عن اتفاقية بريتون وودز أيضًا إنشاء مؤسستين هامتين وهما: صندوق النقد الدولي ، ومجموعة البنك الدولي، واللتان قُدمتا رسميًا في كانون الأول من عام 1945

كان الغرض الأساسي من إنشاء صندوق النقد الدولي هو مراقبة أسعار الصرف وإقراض العملة الاحتياطية للدول التي تحتاجها، وذلك لدعم عملاتها وتسوية ديونها، في حين أُنشئَت مجموعة البنك الدولي والتي كانت تسمى في البداية باسم البنك الدولي للإنشاء والتعمير، لتقديم المساعدة إلى البلدان التي دُمرت ماديًا وهيكليًا نتيجة الحرب العالمية الثانية

في عام 1971، ونتيجةً للقلق المتزايد حول قضية عدم كفاية مخزون الذهب الأمريكي لتغطية حجم الدولارات الامريكية الموجودة في سوق التداول؛ أعلن الرئيس الأمريكي ريتشارد نيكسون تعليقًا مؤقتًا لعمليات تحويل الدولار إلى ذهب

ومع حلول العام 1973 كان نظام بريتون وودز قد انهار. نتيجةً لذلك أصبحت البلدان تملك الحرية في اختيار الترتيب المناسب لها فيما يتعلق بعملية صرف وتبادل عملاتها، باستثناء إمكانية ربط قيمتها بسعر الذهب

وتُعتَبر اتفاقية بريتون وودز حدثًا مهمًا في تاريخ العالم المالي، فبالرغم من انتهاء العمل بها منذ ما يقارب نصف قرن، فما تزال المنظمتان اللتان أنشأتهما هذه الاتفاقية- وهما صندوق النقد الدولي ومجموعة البنك الدولي- مستمرتين في العمل حتى يومنا هذا

وبعد الانتهاء من المساعدة في إعادة بناء أوروبا بعد الحرب العالمية الثانية فقد تركزت مهام البنك الدولي على الحد من الفقر ومساعدة البلدان النامية في جميع أنحاء العالم، وتوسع انتشار هاتين المنظمتين حتى أنها شملت 189 عضواً من الدول

ختاماً: في 15 أغسطس 1971، أنهت الولايات المتحدة من جانب واحد قابلية تحويل الدولار الأمريكي للذهب مما أدى إلى نهاية نظام بريتون وودز وأصبح الدولار عملة إلزامية يعرف هذا باسم صدمة نيكسون، الذي خلق وضع أصبح فيه الدولار الأمريكي عملة احتياطية تستخدمها الكثير من الدول

في الوقت نفسه، أصبحت الكثير من العملات الثابتة (مثل الجنيه الإسترليني)، يمكن تعويمها بحرية




المصادر

كريم سعيد ،3.8.2022 ، ماهي اتفاقية بريتون وودز التي جعلت الدولار عملة احتياط عالمية ؟ ، موقع مجرة

(ب ، ن) ، 10.8.2019 ، اتفاقية بريتون وودز ، موقع انا اصدق العلم

المقالات الأخيرة