الإرهــــــاب الــــدولـــــي
فرع بنغازي

ترتبط كلمة الإرهاب في التاريخ واللغة العربية بالخوف والفزع ومنه المثل "أن ترهب خير من أن ترحم" ولقد اختلفت الآراء وتضاربت في هذا الصدد باختلاف المعايير التي انتهجها أصحابها لإعطاء مفهوم دقيق للإرهاب، بحيث أضحى كل فقيه يحمل أفكارا وأيديولوجيات مسبقة تسيطر لا محالة على التعريف الذي سيعطيه، وفي هذا السياق يذهب الاتجاه الأول إلى القول بأن العمل الإرهابي يتميز بطابعه الأيديولوجي فيعرفه ERIC  DAVID بأنه: "عمل عنف إيديولوجي يرتبط بأهداف سياسية" ، بينما يذهب الفقيه SALDANA إلى تعريفه بأنه" كل جناية أو جنحة سياسية يترتب عنها الخوف العام

ولذلك يعرف بالإرهاب الدولي، إذ هو ظاهرة عالمية، وليس ظاهرة محصورة بشعب أو دين أو بلد أو لون سياسي.

فالإرهاب الدولي يكون كذلك إذا تعلقت الجريمة التي يصاحبها بالعلاقات الدولية وهو قد يتعلق بالجرائم التي تعرض السلم الدولي للخطر، وقد يكون اعتداء على أمن الإنسانية، بما يشبعه من اضطراب في المجتمع الدولي.

و"الإرهاب" في الرائج  هو رعب تحدثه أعمال عنف كالقتل وإلقاء المتفجرات أو التخريب، و"الإرهابي" هو مَنْ يلجأ إلى الإرهاب بالقتل أو إلقاء المتفجرات أو التخريب لإقامة سلطة أو تقويض أخرى، و"الحكم الإرهابي" هو نوع من الحكم الاستبدادي يقوم على سياسة الشغب بالشدة والعنف بغية القضاء على النزعات والحركات التحررية والاستقلالية، أذن فان في معاجم اللغة العربية كان القاسم المشترك فيما يتعلق بمشتقات كلمة(رهب) الخوف، والتخويف، والرعب والفزع.

يعد الإرهاب ظاهرة دولية معقدة، وخطيرة يستخدم ضد الشعوب والحكومات، فيقوض دعائم الأمن والاستقرار ويعطل مشروعات التنمية، ويسبب أضراراً فادحة على كل المستويات، وسنعرض في هذا المبحث اهم سماته ودوافعه واسبابه.

إذ ومنذ سنة 1927 وهو تاريخ انعقاد أول مؤتمر في وراسو، والذي وان لم يستعمل مصطلح الإرهاب لعدم شيوعه، إلا أن ما تباحث فيه اللقاء يدخل في موضوع الإرهاب حيث كان من جدول أعماله دراسة الأفعال المرتكبة في الخارج ومن بين الجرائم المتناولة فيه، جرائم القرصنة تزييف النقود والاتجار في الرقيق والمخدرات. ثم تلاه مؤتمر بروكسل عام 1930 استعمل مصطلح الإرهاب لأول مرة، إذ ورد هذا المصطلح في مشروع من خمس مواد، احتوى على قواعد لأفعال تتميز بأنها تتضمن استعمالا عمديا لوسائل من شأنها إحداث خطر عام أو تهديد الحياة أو السالمة البدنية.

وجاء بعده مؤتمر باريس 1931 ليعدل نص المادة 1 من مشروع مؤتمر بروكسل لتشمل إرهاب سكان الدولة باستعمال قنابل أو متفجرات أو مواد حارقة أو أسلحة نارية، أو أية أداة أخرى ضد الأشخاص أو الأموال، أو نشر مرض وبائي، أو عرقلة مرافق مصلحة عامة. ليأتي بعده مؤتمر مدريد لعام 1935 ليؤكد ما جاء به سابقيه، واعتبر أعمال الإرهاب من جرائم قانون الشعوب التي تقع تحت الاختصاص الشامل.

ثم مؤتمر كوبنهاجن عام 1936 والذي بحث في جدول أعماله جرائم الإرهاب على الصعيدين الدولي والداخلي، وجاء في مقرراته أنه لابد من معاقبة الأفعال التي تسبب نشوء خطر عام، وتخلق حالة من الرعب من أجل إحداث تغييرات أو اضطرابات في سير السلطات العامة في أداء وظائفها أو في العلاقات الدولية. كما أضاف بندا خاصا بالأفعال الجرمية الموجهة ضد حياة أو سلامة أو حرية رئيس دولة أو زوجه، أو الشخص الذي يمارس اختصاصات رئيس الدولة أو الأمراء المتوجين أو أعضاء الحكومات، أو الأشخاص الذين يتمتعون بحصانة ديبلوماسية، أو أعضاء الهيئات التشريعية، وكل من يشكل خطرا على المجتمع، أو يخلق حالة من الرعب يكون الغرض منها إحداث تغييرات في سير السلطات العامة، أو عرقلة العلاقات الدولية يكون عرضه لعقوبات مضاعفة.

أركان جريمة الإرهاب الدولي:-

1-: الركن المادي: وفقاً للمادة الأولى الفقرة الثانية من اتفاقية جنيف الخاصة بمكافحة ومعاقبة الإرهاب ان الركن المادي يتمثل في الإعمال الإرهابية التي تجلى منها أفعال التخويف المقترن بالعنف ومنها أفعال التفجير وتدمير المنشآت و القتل الجماعي والخطف وتسمم مياه الشرب .....الخ

وهنا معيار الإرهاب ينحصر في موضوع الجريمة أو الغرض منها فإذا كان غرض الجاني تحقيق مغنم أو فرض مذهب سياسي أو تغيير نظام سياسي قائم وفي كلا الحالتين يمكن اعتباره إرهابا داخلياً اي اتجاه الإرهاب إلى النظام الاجتماعي أو السياسي الداخلي وتتغير الحالة في صورة اتجاه الارهاب إلى العلاقات الدولية وهنا يطلق علية إرهاب دولي.

2-: الركن المعنوي: ويمثل هذا الركن في اتجاه قصد الجاني ((الإرهابي)) إلى تحقيق فعلة من خلال إشاعة الرعب والإرهاب لدى شخصيات معينة أو مجموعات من الإفراد أو لدى عموم الشعب ولا يعتد هنا بالبواعث على جريمة الإرهاب سواء كانت شخصية أو الحصول على مغانم مالية أو سياسية

ثالثاً: الركن الدولي: ويتحقق هذا الركن عندما تقوم دولة بعملها تنفيذا ًلخطة مرسومة ومعلومة لديها ضد دولة أخرى وسواء كانت أفعال الإرهاب دفعة واحدة ضد الدولة أو على أفعال إرهابية متعاقبة ويستوي في المنفذ إن يكون مفرداً أو مجموعة أشخاص تابعين لدولة معينه أو من قبل الدولة أو أجهزتها وتنتفي صفة جريمة الإرهاب في حالة قيام الإرهابي بتنفيذ تلك الأفعال بإرادته المنفردة ولمصلحة شخص معين فإحراق دور السينما يعد جريمة داخلية ,

ونلاحظ إن قيام الأركان الثلاثة أعلاه  تؤدي إلى إدراج تلك الجرائم ضمن جرائم الإرهاب وضرورة محاكمة الجاني (الإرهابي الفاعل) وفقاً للقانون السائد والقضاء الدولي السائدين إضافة إلى امكانية احالته الى المحكمة الجنائية الدولية واتجه الفقه الدولي ايضا إلى اعتبار الإرهاب جريمة إرهاب دولية إذ تحققت فيها إحدى الشروط اعلاه  او أن تتم الأعمال الإرهابية بدعم أو بتشجيع أو بموافقة الدولة التي يوجد فيها مرتكبو هذه الأعمال أو بدعم دولة أجنبية (المادة 2 من اتفاقية المعاقبة على تمويل الإرهاب).إضافة إلى تعلق الإرهاب بالمجتمع الدولي بأسره وذلك على نحو يمكـن اعتبـاره تهديدا لأمن والسلم الدوليين.

أنواع الإرهاب الدولي:

تبدو اهمية تحديد أنواع الإرهاب الدولي لا اتصاله بمصبات الإرهاب و ضخامة اعداد الضحايا الحادثة اليوم و الناتجة من ذلك التنوع ويشمل-الإرهاب النووي في الاسلحة النووية المتوفرة لعدد غير قليل من الدول وامكانية استخدامه من الدول المالكة واحتمالية وقوعها بيد الإرهابين واستخدامها حيث يهدف الارهابين إلي  إيقاع اكبر عدمن الضحايا والجرحى للفئة المستهدفة،،بينما يشمل الإرهاب البيولوجي ما بين ثلاث فئات معروفة هي البكتيريا بأنواعها كالجمرة الخبيثة والطاعون. الخ والفيروسات منها الجذري والسموم البكتيرية واشهرها الريسين وعلى الرغم  من التكاليف الباهظة لصناعة وحيازة واستخدام هذا السلاح الآن احتمالية الحصول على  هذا السلاح واستخدامه من قبل الارهابين في الوقت الحالي يزداد، ويتمثل الإرهاب الكيماوي بسهوله الحصول على المواد  الأولية الداخلة في عملية تصنيع المواد الكيماوية وتوفرها وسهوله استخدامها والاعداد ا لكبيرة للضحايا الناتجة ومن هذه المواد كغازات الأعصاب والغازات ذات التاثيرالقاتل والتي تحدث شلل في عملية التنفس ومن ثم الموت،،والإرهاب ألمعلوماتي استخدام الموارد المعلوماتية لا أغراض ا لتخويف وتحقيق  إهداف سياسية بوسائل ارهابية منها التهديد ويتساوى في ذلك الدول والارهابين وكما يعرف هذا الإرهاب وعلى نطاق واسع بالإرهاب الإلكتروني و هو: العدوان أو التخويف أو التهديد سواء اًكان ماديا أو معنويا باستخدام الوسائل الإلكترونية الصادر من الدول أو الجماعات أو الأفراد  على الإنسان، في دينه أو نفسه أو عرضه أو عقله أو ماله ويتمثل ايضا في استخدام الموارد المعلوماتية  في إلحاق الضرر و اختراق النظام المصرفي أو الحكومي أو إحداث حالات الاضطراب في حركة الطيران المدني في محطات الطاقة الكبرى وأخترأق المواقع الاليكترونية للإفراد أو الاستيلاء عليها وعلى اشتراكات الآخرين و أرقامهم السرية وإرسال فيروسات مما يؤدي إلى إلحاق الضرر بالحاسب والذي قد يعود لمسوسات استراتيجية مهمة واستخدام الفيروس لمسح محتويات الجهاز أو العبث بالمعلومات المخزنة في حين تذهب الاتجاهات الحديثة ونتيجة للتطور الهائل في تكريس مناهج حقوق الإنسان على كافة الأصعدة اضافة نوعا جديدا للإرهاب ويتمثل في الإرهاب الذهني وبشكل منهجي لغرض انتهاك حقوق جوهرية وأساسية للإنسان منها ما يتعلق بحق التعبير ورفض التحاور والنفي للأخر.

الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب:

الفرع الأول: جهود الأمم المتحدة:

الفرع الثاني: الاتفاقيات والصكوك والإعلانات الدولية

أولا: جهود الأمم المتحدة:

تعد عصبة الأمم المتحدة التي تأسست بعد الحرب العالمية الاولى السباقة في مجال الجهود الدولية لمكافحة الإرهاب من خلال تشريع اتفاقية منع الإرهاب  والمعاقبة عليه وبعد ذلك وبظهور الامم المتحدة 1945بفروعها العاملة حيث تبنت الجمعية العامة، في ديسمبر 1972، في دورتها السابعة والعشرين، قرارها المرقم (3034)، وقد تجلت قيمة القرار في تأكيده القطعي على بطلان وعدم شرعية نسب النضال الوطني التحرري إلى الإرهاب، الفقرة التاسعة من القرار، تم تشكيل لجنة خاصة بـ الإرهاب الدولي يتضمن اقتراحا بتشكيل لجنة خاصة من (32) دولة عضو في الأمم المتحدة لدراسة أسباب الإرهاب والطلب منها لتقديم آرائها وتعليقاتها عن الموضوع إلى  لجنة القانون الدولي و في عام 1976، ناقشت اللجنة المخصصة لموضوع الإرهاب الدولي في الدورة الحادية والثلاثين كما ناقشت تقرير اللجنة المخصصة لموضوع الإرهاب الدول  للجمعية العامة الموضوع، ونشب الخلاف من جديد ولكنه من نوع أخر ...وفي القرار (32/147) الذي اتخذته الجمعية العامة في 16 كانون الأول 1977 و الذي تضمن (5) فقرات في الديباجة و(12) فقرة عاملة دعت في الفقرة العاملة السابعة اللجنة المعنية بالإرهاب الدولي إن تدرس أولا أسباب الإرهاب الدولي ثم اقتراح التدابير العملية لمناهضته. 

تانيا: الاتفاقيات والصكوك والإعلانات الدولية:

أودعت لدى الأمم المتحدة والمجتمع الدولي أكثر من ثلاثة عشر اتفاقية دولية وإقليمية بشان مكافحة الإرهاب سنتناول كل منها جانبا والتي يمكن إن يتبين من خلالها أنواع الإرهاب المعالج منها اتفاقية منع ومعاقبة الإرهاب (جنيف) 1937 Conventio for the prevention and punishment of Terroismوعدت هذه الاتفاقية الأفعال العمدية المؤدية إلى الموت أو الإحباط أو فقدان الحرية لرؤساء الدول وأزواجهم وشخصيات من ذو المناصب العام أو التخريب المتعمد وتصنيع وحيازة الأسلحة والمتفجرات لأغراض أعلاه تعد أفعالا إرهابية وهذا يتنافى ايضا مع ما جاءت به عدد من المواثيق والاتفاقات الدولية المعنية بتقرير وحماية حقوق الإنسان منها وثيقة العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية 1966 والنافذة (وتؤكد على حق الفرد في إن يتمتع بالتحرر من الخوف (إي الإرهاب   وهنا نلاحظ نوع الإرهاب السياسي  الدولي والأسباب السياسية التي قادت إلى ذلك الإرهاب..

إضافة إلى وجود ثلاث عشر اتفاقية منها الاتفاقية غير المشروعة ضد سلامة الطيران المدني وهي اتفاقية بشأن الجرائم والأعمال الأخرى التي تتم على متن الطائرة واتفاقية بشأن مكافحة الاختطاف غير المشروع للطائرات ومعالجة طبيعة الجريمة الدولية الواقعة على وسائل النقل والأسباب السياسية الظاهرة منها واتفاقية مكافحة الأعمال غير المشروعة ضد سلامة الطيران المدني (1971).

وهنالك ا العديد من الاتفاقيات منها  الاتفاقية الدولية بشأن مكافحة ومعاقبة الجرائم ضد الأشخاص المحمية بما في ذلك الممثلين الدبلوماسيين (1973) وذلك على أثر اغتيال رئيس وزراء الأردن وقتل عدد من الدبلوماسيين السودانيين. والاتفاقية الدولية ضد خطف الرهائن  1979 والاتفاقية الدولية بشأن الحماية ضد المواد النووية (1980), والبروتوكول بشأن مكافحة أعمال العنف في المطارات (1988) التي تخدم الطيران المدني الدولي. والاتفاقية بشأن مكافحة الأعمال غير المشروعة ضد سلامة الملاحة البحرية (1988)، وذلك كرد فعل لاختطاف الباخرة (أكيلا لا وAchilleLouro))وقتل أحد ركابها.-والبروتوكول الملحق لمكافحة الأعمال غير المشروعة ضد سلامة الأرصفة المثبتة في الجرف القاري (1988) ، والاتفاقية الدولية لقمع الاعتداءات الإرهابية التي تستخدم المتفجرات البلاستيكية (1991) والاتفاقية الدولية لقمع الإرهاب بواسطة إلقاء القنابل (1997) وتغطى هذه الاتفاقية استخدام كل الاعتداءات الإرهابية بواسطة أسلحة الدمار الشامل. والاتفاقية الدولية بشأن تمويل الإرهاب  1999 والاتفاقية الدولية لقمع الإرهاب النووي (2005)

اتفاقيات عامة بشأن الإرهاب:

1-  اتفاقية جنيف لسنة 1937:

حيث جاء في مادتها الأولى: "تمتد عبارة الأعمال الإرهابية لتشمل الأفعال الإجرامية الموجهة ضد دولة، عندما يكون هدفها أو من طبيعتها إحداث رعب عند أشخاص أو جماعات معينة، أو عند الجمهور"

الواضح من هذا التعريف أن عبارة الأعمال الإجرامية جاءت فضفاضة، غير محددة، وان كانت المادة 2 من الاتفاقية استدركت هذا العموم بتبيان بعض الأفعال المعتبرة إرهابا وهي الموجهة ضد حياة أو صحة أو حرية أو سلامة رؤساء الدول أو من يتمتعون بامتيازات رئيس الدولة وخلفائهم بالوراثة أو التعيين أو أزواجهم،

2- اتفاقية واشنطن 1971: 

وأن كانت هذه الاتفاقية إقليمية بحيث أنها من صنع منظمة الدول الأمريكية إلا أنها جاءت لتدعم ولتثير الرأي العام العالمي حول تنامي واستفحال ظاهرة الإرهاب الدولي، وتبيان خطورته على أشخاص ودول العالم.

ولكن مع هذا فهي كذلك لم تأت بتعريف للإرهاب، ولكن المجلس الدائم لمنظمة الدول الأمريكية أعد دراسة تفسيرية للاتفاقية تعرض فيها لتعريف الإرهاب على أنه: "فعل ينتج رعباً أو فزعاً بين سكان الدولة أو قطاع منهم، ويخلق تهديدا عاماً للحياة أو الصحة أو السلامة البدنية، أو حريات الأشخاص وذلك باستخدام وسائل تسبب بطبيعتها، أو يمكنها أن تسبب ضررا جسيماً أو مساساً خطيرا بالنظام العام أو كوارث عامة ومن الأفعال المجرمة في هذه الاتفاقية (الخطف، القتل وباقي الاعتداءات على الحياة أو السلامة البدنية للأشخاص، وعمليات الابتزاز التي تصاحب هذه الأفعال، وما يؤخذ على هذه الاتفاقية أنها جاءت لقمع حركات الثوار في عديد الدول الأمريكية المدعومة من أدارة الولايات  المتحدة الأمريكية، الأمر الذي عقد من مهمة تلك الدول في مكافحة ما سمته بالأعمال الإرهابية داخل ترابها.

3- الاتفاقية الأوروبية لمقاومة الإرهاب:

كسابقتها لم تعرف هذه الاتفاقية التي جاءت حصرا على البلدان الأوروبية الإرهاب واكتفت بذكر بعض أشكاله منها:

ا- اختطاف الطائرات 

ب - الاعتداء على حياة أو حرية الأشخاص المتمتعين بحماية دولية بمن فيهم الموظفون الدبلوماسيين .

ج - الاختطاف وحجز الرهائن بدون وجه حق .

د- جرائم استعمال القنابل والأسلحة الآلية أو الرسائل والطرود المفخخة في الحالات التي يحدث فيها هذا الاستعمال خطرا على الأشخاص.

4 - الاتفاقية العربية لمكافحة الإرهاب:

وقعت في القاهرة بتاريخ 22/04/1998 والتي تعرف الإرهاب في مادتها الأولى بأنه:  كل فعل من أفعال العنف أو التهديد به أيا كانت بواعثه أو أغراضه، يقع تنفيذا لمشروع إجرامي فردي أو جماعي، وبهدف إلقاء الرعب بين الناس، أو ترويعهم بإيذائهم أو تعريض حياتهم أو حريتهم أو أمنهم للخطر أو إلحاق الضرر بالبيئة أو بأحد المرافق أو الأملاك العامة أو الخاصة، أو احتلالها أو الاستيلاء عليها، أو تعريض أحد الموارد الوطنية للخطر.

عوامل وأسباب الإرهاب:

الكل متفق على أنه لا يمكن البحث في الوسائل والآليات الكفيلة بمكافحة الإرهاب وقمعه أو الحد منه دون البحث في العوامل الأسباب التي تقف وراءه ، وهو ما أدركته الأمم المتحدة حينما ضمنت جدول أعمالها سنة 1972 بندا كلفت من خلاله لجنة خاصة للبحث في الأسباب المؤدية والمغذية للإرهاب ومنه تتحدد الوسائل والآليات الكفيلة بمحاربته أو الوقاية منه كأولوية.

والطابع السياسي للعمل الإرهابي إنما يعود إلى الباعث والهدف السياسي الذي يطبع أعمال العنف ويسبغ بالتالي الصفة السياسية على العمل الإرهابي.

وأهم الأسباب وأوسعها انتشارا سببين هامين:

السبب الداخلي: وهو الإرهاب الداخلي حيث يلعب الظلم والاستبداد الذي تمارسه الحكومات والأنظمة الدور الكبير في تنامي الظاهرة الإرهابية.

والسبب الدولي: ويتمثل في خلل النظام العالمي، واللاتوازن المفرط بين دول العالم، وتسلط الدول الكبرى على الدول الصغرى وغير ها من العوامل.

ولمعرفة وجودية الدوافع والأسباب وتشخيصها وأنواعها ومديات تأثيرها في شخصيات الإفراد  والتوجه نحو الإرهاب فقد وجدنا  إن هنالك  العديد من  الأسباب والدوافع المباشرة في نشوء الإرهاب و أهمها العوامل المتعلقة بشخصية الفرد (العوامل الشخصية والذاتية (الداخلية) فقد وجد العلماء وفي محاولة لتفسير السلوك الإجرامي لهؤلاء إن هذا السلوك إنما يتمثل في شخصية الفرد سواء في تكوينه العقلاني أو العضوي الخارجي أو النفسي كإصابته ببعض مظاهر الخلل والاضطراب النفسي وعندما تتعرض تلك الشخصيات لبعض الاضطرابات و التي تلعب دوراً مهماً في جنوح  شخصيات الإفراد نحو تقمص السلوك الإجرامي ..في حين تعد العوامل الخارجية المتعلقة بشخصية الفرد كالعوامل المتعلقة بالبيئة الاجتماعية التي يتعايش فيها الإفراد فالأسرة والمدرسة والجامعة تترك بصماتها بلا شك على تلك السلوكية فالتخلف الحضاري والعلمي والمجتمعي يقود حتماً لصناعة أشخاص غير أسوياء  ومثالها إن معظم الدراسات تشير إن الأسلوب التوافقي لدى أطفال العراق بدأ ينحصر باتجاه مذهل نحو ثقافة اقتناء السلاح وتطبيق إعمال العنف المشاهدة بعيداً عن المعتاد، وتكمل  شخصية  الإرهابي عوامل أخرى لها تأثيرات غير مباشرة إنما مساعدة في نشوء الارهابيين أو في توجيه نشاطاتهم وأهمها العوامل الاقتصادية وفقدان العدالة في التنمية الاقتصادية وتتفاوت درجات المشاريع العمرانية والخدمية الجاذبة للسكان من مكان إلى اخر كما تلعب العوامل الاجتماعية الأخرى منها الأسباب العرقية  أو الدينية أو القومية أو المذهبية واضطهاد لفئة وأقلية معينة دفعت علماء الجريمة ومنظري السياسة والقوانين الجنائية و بلغة الباحثين من المحفزات الدافعة نحو الإرهاب باعتبارها من الإمراض التي تفقد الجسد الاجتماعي الأسري الوطني المناعة  وهنالك العديد من الدراسات في علم الاجتماع السياسي لدراسة انتشار ظاهرة الإرهاب في البلدان العربية والإسلامية نبهت إن الأثر الحاسم يسجل  للأوضاع الاجتماعية في انتعاش الإرهاب في الوطن العربي وظهور النظريات المظللة لتعاليم الإسلام وللشباب المسلم العربي وتراجع دور الدولة في الميدان الاقتصادي والاجتماعي إضافة إلى  الحروب التي أشعلت في المنطقة، وهنا لا يمكن  إغفال الأسباب الدينية فعلى الرغم من المساحة الواسعة للشريعة الإسلامية كونها جعلت حقوق الإنسان وحياته جزءاً من رسالة إنسانية سماوي شاملة وفرت له الحماية والحصانة الإلهية في ممارستها في حالة تقيده بالشرع مع  توافر عناصر الاعتدال والاتزان والسلمية في نشر المبادئ الإسلامية ومخاطبة وقبول الأخر والابتعاد عن العنف ..

ولا تخلو الساحة الدولية  هي الاخرى من عوامل ومحفزات دافعة نحو الإرهاب وفي هذا أشارت دراسة أعدتها الأمم المتحدة عام  1979 إن هنالك من الأسباب الكامنة وراء قيام وممارسة الأنشطة الإرهابية منها السياسية والاقتصادية والاجتماعية و الاستعمار والاحتلال والمتغيرات السياسية الدولية و الاستبداد السياسي وغياب الديمقراطية وانتهاكات حقوق الإنسان فشعور الإفراد بتلك الأسباب وبالواقع الاجتماعي والاقتصادي المتردي  يدفعهم بالعمل بقوة من أجل التخلص من هذا الواقع..

ولتعدد تلك الأسباب فقد تنادت الدول والمنظمات والهيئات والأشخاص المعنوية الدولية لتضع تعريفا متفق عليه و تحديداً دقيقا للأسباب والدوافع ومحفزات الإرهاب و ًللأفعال التي تؤلف جريمة الإرهاب الدولي والمعاقبة الجنائية عليها فان فشلت في  كثرة التعاريف الواردة إلا أنها استطاعت في الثانية ضخ العشرات من الصكوك والاتفاقيات والمعاهدات والإعلانات واللجان والمنظمات والهيئات والوكالات المتخصصة التي تنظم مهمة تعاون الدول في مواجه صور الإرهاب الدولي بصورة عامة أو لمواجهة صور مستحدثة من  العمليات الإرهابية  وفيها استعراض لعشرات القرارات الصادرة من الأمم المتحدة بفروعها العاملة والمتخصصة وأكثر من 13 اتفاقية دولية لمعالجة الإرهاب وأسبابه ودوافعه،..

 

الخاتمة 

إن الأزمة التي يعيشها المجتمع الدولي اليوم تستدعي نبذ العصبيات والاختلافات و تقديم المصلحة  العامة عن المصالح الخاصة ، فعدم توصل المجتمع الدولي لتعريف قانوني دقيق لا يعكس صعوبة ذلك و استحالته  بل  يعكس مدى  اختلاف وجهات النظر حول مفهوم الإرهاب و الجريمة الإرهابية و اختلاف رؤاها ، اختلاف  تحكمه المصالح السياسية و الاقتصادية  و الخلفيات الدينية و الإيديولوجية .

التوصيات

نرى إن يتم بناء استراتيجية مكافحة الإرهاب من خلال ايجاد تعاون و توافق بين المعالجات الدولية و الداخلية للإرهاب ويتطلب هذا التركيز في مواجهة الإرهاب الداخلي من خلال استكمال الاتي...

أولا :مواجهة الإرهاب فكريا

ثانيا: معالجة أسباب الإرهاب الاقتصادية والاجتماعية/إعادة النظر في المعالجات الحقيقية لا سباب الإرهاب من خلال معالجة أساسيات انتشار هذه الظاهرة في شموليتها والتركيز على القطاعات الفقيرة في المجتمعات بالقضاء على الأسباب الاقتصادية والاجتماعية الثقافية والسياسية الجاذبة للإرهاب

ثالثا : تقرير ضمانات الحقوق والحريات

رابعا: تطبيق أسس النظام الديمقراطي/بناء النظام السياسي كمبدأ التداول السلمي للسلطة بالانتخاب ومبدأ الفصل بين السلطات

خامسا: دراسة طبيعة المجتمعات/ضرورة إن تراعي القوانين الوطنية في صياغتها لمكافحة الإرهاب جميع الجوانب المحتملة منها

سادسا: المعالجات الأخرى: وهنا يستدعي الامر تحديث المعلومات الخاصة بالإرهابيين مع مراعاة استمرارية الدراسات بشأن تمويل الإرهاب والأسباب القائدة إليه وبناء الدراسات للقضاء على تلك المسببات وتشديد العقوبات على مرتكبي الأفعال واختصار المدد القانونية لصدور القرارات وتميزها.

إما المعالجات الدولية لمواجهة الإرهاب (مواجهة الإرهاب الدولي) فنرى ان يتم التركيز في مواجهة الإرهاب الدولي من خلال: 

أولا  :  ضرورة توافر الجهد التشريعي للقانون الوطني والدولي... وترجمة هذه الجهود بالتعاون والتوافق لأزالة الغموض والعشوائية وانعدام الاتفاق الدولي على تعريف مصطلح الإرهاب وتحديد ومضامينه وأفعاله الداخلة ضمن منظومة الإرهاب بحتمية بالغة الضرورة لبيان المصطلح ومضمونه وأفعاله والابتعاد عن التعريفات السياسية غير المرغوب فيها.

ثانيا : العمل ضمن الإطار الدولي على وضع نظام عالمي للأمن الوقائي يضمن الارتكاز عليه في مواجهة الإرهاب.

ثالثا: معالجة حالات التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى..و ممارسة العنف و القمع و القهر السياسي ومعالجة سلبيات منظومة العلاقات الدولية بما فيها  وجود صراعات إقليمية و مناطق ساخنة التي تعتبر بؤر توتر و تربة خصبة لنمو الإرهاب واستخدام القوة ضد الدول و التهميش الحضاري للشعوب وحضارتها والفكر المتطرف و الخطاب المتشدد و العنف  الناتج عن مشاكل داخلية سياسية ثقافية و اقتصادية و خارجية ومحاربة غياب ثقافة التسامح و تشجيع التعصب و الكراهية  الحروب ذات الدوافع الدينية والعمل على القضاء عليه حالا.

رابعا: التنمية الاقتصادية ضرورة توجه الأسرة الدولية بأعضائها ومجموعة  المنظمات الدولية المتخصصة في مجالي الاقتصاد وحقوق الإنسان بالتعاون لإيجاد نظام عالمي ي يوفر ويحترم حق ا لإنسان في ا التنمية الاقتصادية والاجتماعية ومعالجة المشكلات التي تخرج عن قدرة الافراد الذين يعانون منها واستجلاب انسب الأوضاع الفعالة في المجتمع هادفين لتحقيق التنمية البشرية المستدامة والتي تركن  إلى النمو الاقتصادي كوسيلة لتحسين حياة الناس بمفردها الاستمتاع والرضا بما يحمي المجتمع من الجريمة والعنف والإرهاب والتطرف وتحقيق شمولية المعرفة والحريات والحقوق السياسية والاقتصادية والثقافية والمشاركة السياسية للإنسان

خامسا: معالجة ضعف بنية الشبكات المعلوماتية وقابليتها للاختراق وسهولة الاستخدام وقلة التكاليف وصعوبة اكتشاف وإثبات الجريمة الإرهابية والفراغ التنظيمي والقانوني وغياب جهة السيطرة والرقابة على الشبكات المعلوماتية يعرضها للإرهاب وهنا تستدعي الضرورة التعاون الدولي والوطني لبناء سد معلوماتي وقانوني مقابل تلك الخروق الإرهابية والالتزام المتبادل بينهما.






المراجع

-  الوافي سامي، 4. فبراير 2017 ، الإرهاب : بين الإتفاقيات الدولية و التشريعات الوطنية،  المركز الديمقراطي العربي .

- حمليل صالح، الإرهاب الدولي مفهومه وأسبابه، دراسة بحثية بقسم الحقوق، جامعة أدرار-الجزائر.

- خضير ياسين الغانمي ، 2014م ، ظاهرة الارهاب  الدولي ..ا لعوامل الدافعة وكيفيه معالجتها، موقع جامعة أهل البيت.

المقالات الأخيرة