أعلنت إيران عن خطط لتشغيل آلاف أجهزة الطرد المركزي
المتطورة خلال الأشهر المقبلة، في تصعيد جديد لبرنامجها النووي يأتي هذا الإعلان بعد
قرار مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية المطالب بتعاون طهران وتقديم تقرير
شامل عن أنشطتها النووية بحلول مارس المقبل.
ناقش برنامج الظهيرة على سكاي نيوز عربية أبعاد
هذا التصعيد النووي، وسط قلق غربي من التوجهات الإيرانية. ورغم ترحيب طهران بإجراء
محادثات مع أوروبا، يتصاعد القلق من أن خطط إيران قد تعقد المساعي الدبلوماسية.
وأكد مدير مركز الدراسات الاستراتيجية الإيرانية،
مصدق بور على أن تشغيل أجهزة الطرد المركزي الجديدة هو رد فعل مباشر على ما وصفه بـ"التسييس"
الغربي لملف إيران النووي. وقال بور:
- إيران تتعاون مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية،
لكن المشكلة تكمن في الدوافع السياسية لبعض الأطراف الغربية.
- طهران ترفض تسييس الملف وتسعى للحفاظ على حقها
في تطوير الطاقة النووية السلمية.
- إيران ترى نفسها مضطرة لتصعيد برنامجها النووي
لحماية مصالحها، خاصة مع اقتراب انتهاء بعض بنود الاتفاق النووي القديم.
قلق غربي وتصعيد إيراني
يشكل الخوف من امتلاك إيران سلاحا نوويا أحد أكبر
بواعث القلق الغربي بشكل عام والأمريكي بشكل خاص في منطقة الشرق الأوسط. ولم يعرف منسوب
هذا القلق استقرارا على الإطلاق، بل ظل يتأرجح حسب تقلبات السياسة والتطورات الإقليمية
والدولية. غير أن تصريحات واردة من طهران بعد الهجوم غير المسبوق على إسرائيل جعلت
علامات استفهام ملحة تتراقص مجددا في أذهان العديد من قادة العالم حول إمكانية حيازة
إيران لسلاح نووي. ونقلت وكالة تسنيم شبه الرسمية للأنباء عن قائد كبير بالحرس الثوري
الإيراني قوله الخميس إن إيران قد تراجع "عقيدتها النووية" في ظل التهديدات
إسرائيلية.
ومن جهته، أوضح الكاتب والباحث السياسي، محمد قواص
أن الغرب ينظر بقلق إلى خطط إيران، معتبرًا أن تشغيل أجهزة الطرد المركزي يعكس توجهًا
نحو تعزيز البرنامج النووي ليصبح "أقوى وأكثر شمولًا".
وأضاف قواص: هناك مخاوف حقيقية من أن إيران تقترب من تطوير قدرات عسكرية نووية، رغم
تصريحاتها عن سلمية البرنامج.
تصاعد الغموض في هذا الملف يزيد من التوترات ويضع
المجتمع الدولي أمام خيارات صعبة.
القرار الأخير للوكالة الدولية للطاقة الذرية يهدف
إلى تعزيز الرقابة، لكنه يواجه تحديات في التنفيذ بسبب تمسك إيران بمواقفها.
رغم التصعيد، رحبت إيران بمحادثات مرتقبة مع الأطراف
الأوروبية في جنيف أواخر الشهر الحالي، واعتبر مصدق بور أن هذه المفاوضات تمثل فرصة
لإيجاد حلول توافقية، لكنه شدد على ضرورة احترام حقوق إيران.
وقال بور إن إيران مستعدة للتفاوض، لكنها تريد ضمانات
بعدم استخدام الملف النووي كأداة للضغط السياسي. الكرة الآن في ملعب الغرب لإظهار نوايا
جادة للتعاون.
في المقابل، رأى قواص أن المفاوضات قد تكون وسيلة
لاحتواء التصعيد، لكنه حذر من أن إيران تستخدم هذه المحادثات لتأخير الضغوط الدولية
وتحقيق مكاسب استراتيجية.
التحديات الأوروبية والأميركية تجاه إيران
تناول قواص موقف الإدارة الأميركية القادمة بقيادة
دونالد ترامب، مشيرا إلى أن التصعيد الإيراني قد يعقد الموقف وقال:
ترامب أشار سابقًا إلى أنه سيمنع إيران من الحصول
على سلاح نووي إذا استمرت إيران في التصعيد فقد تواجه ردود فعل أقوى من الإدارة الأميركية.
أوروبا، رغم قلقها من التصعيد، تسعى للحفاظ على
الاتفاق النووي كإطار للتفاوض، لكنها تواجه تحديات في إقناع إيران بالعودة إلى الالتزامات
السابقة.
وتتصاعد التوترات بشأن البرنامج النووي الإيراني،
وسط خشية من أن تحاول طهران تطوير سلاح نووي، وهو أمر لطالما نفته طهران.
رحبت الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا وألمانيا
بتبني قرار الوكالة الدولية للطاقة الذرية، قائلة إنه جاء ردا على "فشل إيران
المستمر" في التعاون مع الوكالة في الوقت المناسب.
وجاء في القرار أنه «من الضروري والعاجل أن تتحرك
إيران للوفاء بالتزاماتها القانونية» بموجب معاهدة حظر الانتشار النووي التي صادقت
عليها في عام 1970.
كما يدعو النص طهران إلى تقديم «تفسيرات ذات مصداقية
فنية» لوجود جزيئات يورانيوم تم العثور عليها في موقعين غير معلنين في إيران.
ويطالب القرار الوكالة التابعة للأمم المتحدة بـ«تقرير
كامل» حول هذا النزاع الطويل الأمد، مع تحديد موعد نهائي لتقديمه في ربيع عام 2025.
وقالت القوى الغربية السبت «نأمل أن تستغل إيران
الفرصة من الآن وحتى صدور التقرير لتقديم المعلومات والتعاون اللازمين لحل هذه القضايا،
حتى تتمكن الوكالة من تقديم الضمانات بأن يظل برنامج إيران سلميا بحتا».
السيناريوهات المحتملة
وبشأن السيناريوهات المحتملة للتعامل مع التصعيد
الإيراني، رأى مصدق بور أن الحل يكمن في الاعتراف بحق إيران في تطوير الطاقة النووية
السلمية وتجنب تسييس الملف.
بغض النظر عن تخصيب اليورانيوم، فهناك سؤال حول
المدة التي ستستغرقها إيران لإنتاج الجزء الباقي من قنبلة نووية، وربما تصغيرها بما
يكفي لوضعها ضمن منظومة إطلاق مثل الصواريخ الباليستية إذا أرادت ذلك. ويصعب تقدير
ذلك لأنه من غير الواضح مدى المعرفة التي تمتلكها إيران.
وتعتقد أجهزة المخابرات الأمريكية والوكالة الدولية
للطاقة الذرية أن إيران كانت تمتلك برنامج أسلحة نووية منسقا أوقفته عام 2003 وخلصت
الوكالة في تقريرها عام 2015 إلى أن إيران عملت على تطوير قطاعات من برنامج للتسليح
النووي واستمر بعض العمل حتى أواخر عام 2009.
وتنفي الجمهورية الإسلامية امتلاك برنامج أسلحة
نووية، على الرغم من أن الزعيم الإيراني الأعلى علي خامنئي قال إنه إذا أرادت طهران
ذلك "فلن يكون بوسع زعماء العالم منعنا" وتختلف تقديرات المدة التي ستحتاجها إيران للحصول على سلاح نووي بين أشهر
وعام تقريبا.
وفي مارس 2023 شهد رئيس هيئة الأركان الأمريكية
المشتركة آنذاك الجنرال مارك ميلي أمام الكونغرس بأن حصول إيران على سلاح نووي سيستغرق
عدة أشهر، على الرغم من أنه لم يذكر ما يستند إليه هذا التقييم.
وقالت الوكالة الدولية للطاقة الذرية في تقريرها
ربع السنوي الصادر في شباط/فبراير من هذا العام إن "التصريحات العلنية في إيران
بشأن قدراتها التقنية على إنتاج أسلحة نووية تزيد من مخاوف المدير العام بشأن صحة واكتمال
الإعلانات المتعلقة بالضمانات الإيرانية".
وقال دبلوماسيون إن تلك التصريحات شملت مقابلة تلفزيونية
مع الرئيس السابق لمنظمة الطاقة الذرية الإيرانية علي أكبر صالحي شبه فيها إنتاج سلاح
نووي بصنع سيارة، وقال إن إيران تعرف كيف تصنع الأجزاء اللازمة.
أما قواص، فشدد على أهمية إيجاد توازن بين الضغط
على إيران ومنحها حوافز للعودة إلى التزاماتها النووية، محذرًا من أن الفشل في تحقيق
ذلك قد يدفع المنطقة نحو مزيد من التوتر.
تسلط الخطوات الإيرانية الضوء على تحديات جديدة
تواجه المجتمع الدولي في التعامل مع طهران وبينما تتأرجح الخيارات بين التصعيد والتفاوض.
ويبقى السؤال الأكبر: هل ستنجح الدبلوماسية في نزع
فتيل الأزمة أم أن التصعيد هو الخيار الوحيد المتبقي؟
المصدر: سكاي نيوز عربية
التاريخ : 25/11/2024
-----------------------------------
المصدر: العين الإخباربة
التاريخ : 24/11/2024
------------------------------------
المصدر: فرانس24
التاريخ : 19/4/2024